📁 المقالات الحديثة

موضع الإطار النظري في البحث العلمي

مكان الإطار النظري في البحث العلمي

 ما هو موضع الإطار النظري من البحث العلمي

يُعد الإطار النظري أحد الأعمدة الرئيسة التي يقوم عليها أي بحث علمي، فهو يمثل المرجعية الفكرية والمنهجية التي يستند إليها الباحث في تفسير الظواهر وتحليل النتائج. ومن هنا يبرز التساؤل: ما هو موضع الإطار النظري من البحث العلمي؟، إذ إن تحديد مكانه داخل بنية الدراسة يسهم في فهم دوره وأهميته في ربط مشكلة البحث بالأدبيات السابقة والنظريات ذات الصلة. فالإطار النظري لا يقتصر على كونه جزءًا مكملًا، بل يشكل قاعدة معرفية توجه مسار البحث، وتحدد علاقته بالفرضيات والمتغيرات، وتمنح العمل طابعه العلمي الرصين.

مفهوم الإطار النظري:

الإطار النظري هو البنية العلمية التي يستند إليها الباحث لتفسير الظاهرة أو المشكلة محل الدراسة، من خلال عرض المفاهيم والنظريات ذات الصلة، وربطها بما توصلت إليه الدراسات السابقة. ويهدف الإطار النظري إلى توضيح الأساس الفكري للبحث، وتحديد العلاقة بين المتغيرات، وتوفير مرجعية تساعد في صياغة الفرضيات وتحليل النتائج. ويمثل هذا الإطار عنصرًا جوهريًا لضمان اتساق البحث مع المنظومة العلمية والمعرفية في مجاله.

ما هو الإطار النظري للبحث؟

الإطار النظري للبحث هو القسم الذي يُشكّل الخلفية العلمية والفكرية للدراسة، حيث يجمع الباحث فيه بين المفاهيم والنظريات والنماذج العلمية المتعلقة بموضوعه، بهدف وضع مشكلة البحث في سياقها الصحيح. ويساعد هذا الإطار على توضيح العلاقات بين المتغيرات، وصياغة الفرضيات، وتفسير النتائج لاحقًا في ضوء ما تراكم من معارف سابقة. ويُعتبر الإطار النظري ركيزة أساسية تضمن انسجام البحث مع الأسس العلمية وتدعمه بالمرجعية الأكاديمية اللازمة.

خصائص الإطار النظري في البحوث العلمية:

الإطار النظري يمثل العمود الفقري لأي بحث علمي، فهو الذي يضع الدراسة في سياقها الأكاديمي ويمنحها المصداقية والتكامل. ولكي يكون الإطار النظري فعالًا وذا قيمة، لا بد أن يتسم بمجموعة من الخصائص الأساسية.
  1. أولًا، يتميز بالشمولية، حيث يغطي جميع المفاهيم والنظريات والدراسات السابقة ذات الصلة بالموضوع، ليمنح القارئ صورة متكاملة عن المجال البحثي.
  2. ثانيًا، يتصف بالترابط والتسلسل المنطقي، إذ تُعرض الأفكار فيه بطريقة منظمة تبدأ من العام وتنتهي بالخاص، بما يوضح العلاقة بين المفاهيم والنظريات ومشكلة البحث.
  3. ثالثًا، يقوم على التوثيق الدقيق للمصادر، فلا يُبنى على افتراضات غير مثبتة، بل يستند إلى مراجع علمية معتمدة تدعم محتواه وتزيد من مصداقيته.
  4. رابعًا، يتميز بالعمق التحليلي، فلا يقتصر على السرد والوصف، بل يقدم تحليلات ومقارنات تكشف الثغرات العلمية التي يسعى البحث الحالي إلى سدها.
  5. خامسًا، يتصف بالمرونة والقابلية للتطوير، إذ يدمج بين ما هو راسخ من نظريات ومعطيات جديدة ظهرت في الأدبيات، مما يمنحه طابعًا متجددًا.
  6. وأخيرًا، يتسم بالارتباط المباشر بمشكلة البحث، فلا ينفصل عنها بل يخدم في تفسيرها وتوجيه أهدافها، مما يعزز من قوة الدراسة ويُبرز أهميتها الأكاديمية.

ما هي مكونات الإطار النظري:

يشكل الإطار النظري العمود الفقري لأي بحث علمي، إذ يربط بين المفاهيم والنظريات والدراسات السابقة ليمنح العمل البحثي قوة وتماسكًا. ولتحقيق هذه الوظيفة، ينبغي أن يتضمن الإطار مجموعة من المكونات الرئيسة التي توضح معالمه وتدعم أهدافه، ومن أبرز مكوناته:
  1. يبدأ الإطار بتعريف المصطلحات الأساسية المتعلقة بموضوع الدراسة، مع تقديم شروح دقيقة تعكس المعنى المقصود داخل البحث وتمنع أي لبس أو غموض.
  2. يتضمن استعراضًا لأهم النظريات التي تشكل المرجعية الفكرية للدراسة، مع بيان صلتها بالموضوع وتوضيح ما يمكن أن تضيفه في تفسير الظاهرة قيد البحث.
  3. يشمل مراجعة شاملة للدراسات السابقة ذات العلاقة، حيث تُعرض نتائجها ومنهجياتها، ويتم تحليلها بشكل نقدي لتحديد الثغرات التي يسعى البحث الحالي إلى سدها.
  4. يحتوي على بيان العلاقات المتوقعة بين المتغيرات الأساسية، بما يمهد لصياغة الفرضيات أو الأسئلة البحثية التي سينطلق منها البحث.
  5. يُختتم الإطار النظري بملخص تحليلي يوضح كيف استفاد الباحث من المفاهيم والنظريات والدراسات السابقة في بناء إطار متكامل يدعم بحثه ويوجهه.

خطوات كتابة الإطار النظري في رسالة الماجستير:

يمثل الإطار النظري في رسالة الماجستير الأساس العلمي الذي يستند إليه الباحث في صياغة موضوعه وبناء استنتاجاته، إذ يربط بين المفاهيم والنظريات والدراسات السابقة في صورة متماسكة. ولضمان كتابته بشكل صحيح، ينبغي اتباع مجموعة من الخطوات المنهجية الواضحة، هي:
  1. تبدأ العملية بتحديد المفاهيم الرئيسة المرتبطة بموضوع الرسالة، مع صياغة تعريفات دقيقة لها توضح أبعادها وتمنع الالتباس في استخدامها داخل البحث.
  2. ينبغي بعد ذلك استعراض النظريات ذات الصلة بمجال الدراسة، مع تحليل أفكارها الأساسية وبيان مدى ارتباطها بالمشكلة البحثية وكيفية توظيفها في التفسير.
  3. يتطلب الأمر مراجعة شاملة للدراسات السابقة، من خلال عرض نتائجها ومنهجياتها وتحليلها نقديًا، لتوضيح ما أنجزه الباحثون وما لم تتم معالجته بعد.
  4. يلزم تحديد العلاقات بين المتغيرات الأساسية في الدراسة، وصياغتها في شكل نموذج تصوري يساعد على توجيه الفرضيات والأسئلة البحثية.
  5. يفضل أن يُختتم الإطار النظري بملخص يوضح كيف استفاد الباحث من المفاهيم والنظريات والدراسات السابقة، مع إبراز الثغرات العلمية التي تسعى الرسالة إلى معالجتها.

دور الإطار النظري والدراسات السابقة في البحث:

يشكل كل من الإطار النظري والدراسات السابقة عنصرين متكاملين في البحث العلمي، إذ يعملان معًا على بناء قاعدة معرفية راسخة تدعم أهداف الدراسة وتوجه نتائجها. ورغم اختلاف طبيعة كل منهما، إلا أن التكامل بينهما يمثل شرطًا أساسيًا لجودة البحث.
  1. يتمثل دور الإطار النظري في تقديم الخلفية الفكرية التي تفسر الظاهرة المدروسة، من خلال عرض المفاهيم الرئيسة والنظريات ذات الصلة، وربطها بمشكلة البحث. فهو يضع الأساس العلمي الذي تنطلق منه الفرضيات والتساؤلات.
  2. أما الدراسات السابقة فتركز على الجهود البحثية التي تناولت الموضوع من قبل، حيث تعرض نتائجها وتحلل مناهجها، وتوضح الثغرات التي لم تتم معالجتها بعد، مما يبرر الحاجة إلى البحث الحالي.
  3. يساعد الإطار النظري على توجيه الباحث نحو الأطر الفكرية التي يمكن الاستناد إليها، في حين تمنح الدراسات السابقة تصورًا عمليًا لتجارب الباحثين الآخرين وكيفية تعاملهم مع المشكلة.
  4. يُسهم الجمع بين الإطار النظري والدراسات السابقة في تعزيز المصداقية العلمية للبحث، إذ يُظهر أن الباحث لا يعمل في فراغ، بل يبني عمله على تراكم معرفي قائم ويضيف إليه.

مثال على موضع الإطار النظري للبحث:-

يمثل الإطار النظري الركيزة الفكرية التي يبني عليها الباحث دراسته، إذ يوضح الأسس المفاهيمية والنظرية التي تفسر الظاهرة قيد البحث. ولتوضيح ذلك عمليًا، يمكن عرض مثال يبين كيفية صياغة الإطار النظري في أحد المجالات، إليك مثال:
  1. على سبيل المثال، إذا تناول البحث موضوع تأثير استخدام شبكات التواصل الاجتماعي على التحصيل الدراسي لدى طلاب الجامعات، فإن الإطار النظري يبدأ بتعريف المصطلحات الرئيسة مثل "شبكات التواصل الاجتماعي"، و"التحصيل الدراسي"، مع تقديم تعريفات لغوية واصطلاحية دقيقة.
  2. بعد ذلك يستعرض الباحث النظريات ذات الصلة، مثل نظرية الاستخدامات والإشباعات التي تفسر دوافع الطلاب في استخدام هذه الوسائل، ونظرية الحمل المعرفي التي توضح كيف يمكن للاستخدام المفرط أن يؤثر على القدرات الذهنية والتحصيل.
  3. يتضمن الإطار أيضًا مراجعة الدراسات السابقة التي تناولت العلاقة بين وسائل التواصل والتحصيل الأكاديمي، مع تحليل نتائجها، وبيان أوجه الاتفاق والاختلاف بينها، والثغرات التي لم تُعالج بعد.
  4. وأخيرًا يربط الباحث هذه المفاهيم والنظريات والدراسات السابقة بمشكلة بحثه الخاصة، ليكوّن نموذجًا تصوريًا يوضح العلاقة المتوقعة بين المتغير المستقل (استخدام شبكات التواصل الاجتماعي) والمتغير التابع (التحصيل الدراسي).

الخاتمة:

في الختام، يمكن القول إن الإجابة عن سؤال ما هو موضع الإطار النظري من البحث العلمي تكشف عن مكانته المحورية في بناء الدراسة وتنظيمها. فالإطار النظري ليس مجرد جزء إضافي في هيكل البحث، بل هو الأساس الذي يربط بين المشكلة البحثية والأدبيات السابقة، ويوجه المنهجية ويهيئ القارئ لفهم النتائج في سياقها العلمي. إن تحديد موضعه بدقة وصياغته بطريقة رصينة يعكس وعي الباحث بأهمية الإطار النظري كعنصر داعم لمصداقية البحث وفعاليته الأكاديمية.

تعليقات