📁 المقالات الحديثة

دور تكنولوجيا التعليم في عام 2024

تكنولوجيا التعليم

تكنولوجيا التعليم ودورها في عام 2024

تُعد تكنولوجيا التعليم أحد الركائز الأساسية التي تسهم في تطوير وتحسين العملية التعليمية في العصر الحديث، ومع تقدم التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي، أصبح من الممكن تقديم تجارب تعليمية مبتكرة وشخصية تلبي احتياجات المتعلمين بشكل أكثر دقة؛ ففي عام 2024، تتعاظم أهمية تكنولوجيا التعليم بشكل ملحوظ، حيث تتكامل الأدوات التكنولوجية مع استراتيجيات التعليم التقليدية لتوفير بيئة تعليمية متكاملة وفعّالة، وهذه البيئة تعتمد على استخدام الذكاء الاصطناعي، الواقع الافتراضي، والتحليلات التربوية لتحسين نتائج التعلم وتوفير تجارب تعليمية غنية ومتنوعة تتناسب مع الاحتياجات المتغيرة للمجتمعات والأفراد في هذا العصر الرقمي.

ما هي تكنولوجيا التعليم؟:

مصطلح "تكنولوجيا التعليم" هو ترجمة معربة للمصطلح الإنجليزي "Educational Technology"، ويعد مرادفًا لمصطلح "تقنيات التعليم" أو "التقنيات التعليمية" في اللغة العربية، ويشير هذا المصطلح إلى العلاقة الوثيقة بين التكنولوجيا والتقنية، حيث تتجلى التكنولوجيا في تطبيقات علمية تهدف إلى تحسين وتطوير العمليات التعليمية. 
تُعرَّف تكنولوجيا التعليم بأنها العلم الذي يسعى إلى دمج الأدوات والمواد التعليمية بهدف تحسين عملية التدريس ودعمها، وتعتمد هذه التكنولوجيا على نظامين أساسيين: الأول هو الأدوات التعليمية، والثاني هو المواد التعليمية التي تشمل المواد المطبوعة والمرئية التي تُقدِّم المعلومات عبر وسائل عرض تعليمية متنوعة. 
من منظور آخر، تُعرف تكنولوجيا التعليم بأنها العلم الذي يدرس النظريات والممارسات التطبيقية المتعلقة بمصادر التعلم وعملياته، بما في ذلك تصميمها، وتطويرها، واستخدامها، وإدارتها، وتقويمها، وظهر هذا المصطلح نتيجة للحاجة إلى تنظيم استخدام الوسائل التعليمية التي كانت تستخدم بشكل غير منظم، مما دفع بعض علماء التربية إلى الدعوة إلى وضع ضوابط لهذه العملية.

نشأة تكنولوجيا التعليم:

يؤكد العديد من الباحثين في مجال التعليم أن مفهوم تكنولوجيا التعليم ذو جذور تاريخية عميقة، إذ يرى البعض أن جذور تكنولوجيا التعليم تعود إلى عصر الإنسان البدائي الذي طور تقنياته الخاصة (Boyd, 1991)، وفي هذا السياق، أشار "هوكرج"، كما ذُكر في الحيلة (1993)، إلى أن نظريات تكنولوجيا التعليم تستند إلى مبادئ التعلم القديمة والحديثة، حيث استفادت من إسهامات "ثورندايك" في تطوير التعليم، ومن تطبيق "سكنر" للتعليم المبرمج، بالإضافة إلى أفكار "برونر" و"جانييه" المتعلقة ببنية المعرفة (Hawkridge, 1991). 
ويرى "هاينك" وآخرون (Hienich et al., 1982) أن العديد من الأساليب التعليمية الحديثة تمتد جذورها إلى مئات أو آلاف السنين، حيث تظهر أفكار سقراط و"بستالوزي" و"كومينيوس" و"هربرت" في العديد من الممارسات الصفية الحديثة، ومن الجدير بالذكر أن مقالة "سكنر" المنشورة في عام 1954 في مجلة Harvard Educational Review شكلت نقطة تحول أساسية، حيث أشعلت حركة جديدة تمامًا في مجال التعليم.

يمكنك الاطلاع على مقال يتضمن أهم مهارات التفكير العلمي

أهم الخصائص المميزة لتكنولوجيا التعليم:

لتكنولوجيا التعليم عدة خصائص تعمل على تمييزها، وهي كالتالي:

التفاعلية:

تشير التفاعلية في تكنولوجيا التعليم إلى الحوار المستمر بين طرفي العملية التعليمية، أي المتعلم والبرنامج التعليمي، ويتم هذا التفاعل من خلال واجهة المستخدم التي يجب أن تكون مصممة بطريقة بسيطة وسهلة الاستخدام، مما يسهم في جذب انتباه المتعلم ومساعدته على التنقل في المحتوى التعليمي بكفاءة، كما أن التفاعلية تتيح بيئة اتصال ثنائية الاتجاه على الأقل، مما يعزز تجربة التعلم ويضمن تلقي المتعلم تغذية راجعة فعالة.

الفردية: 

من الخصائص المميزة لتكنولوجيا التعليم هو قدرتها على التغلب على الفروق الفردية بين المتعلمين، حيث تهدف إلى الوصول بجميع المتعلمين إلى نفس المستوى من الإتقان في المواقف التعليمية الفردية، وذلك بما يتناسب مع قدراتهم واستعداداتهم الفردية، بما في ذلك مستوى ذكائهم وقدرتهم على التفكير والتذكر واسترجاع المعلومات.

التنوع: 

توفر تكنولوجيا التعليم بيئة تعليمية متنوعة تتيح لكل متعلم الفرصة لاختيار ما يناسبه، ويتحقق هذا التنوع من خلال تقديم مجموعة من البدائل والخيارات التعليمية، التي تشمل الأنشطة التعليمية، والمواد التعليمية، والاختبارات، ومواعيد التقديم لها، كما يتجلى التنوع أيضًا في تعدد مستويات المحتوى التعليمي وأساليب التعلم المتاحة.

ما هي علاقة تكنولوجيا التعليم بالوسائل التعليمية؟:

لقد مرت الوسائل التعليمية بمراحل متعددة، وكانت لكل مرحلة تسميتها التي تعكس طبيعتها في تلك الفترة، إلى أن أصبح مفهوم الوسائل التعليمية مرتبطًا بمفهوم "طريقة النظم"، ويُشار إليها الآن بمنحى النظم أو تكنولوجيا التعليم، وهو مفهوم يتضمن تعريفًا شاملاً. 
وفقًا لهذا المفهوم النظامي، تُعد الوسائل التعليمية جزءًا من نظام متكامل يهدف إلى تحقيق أهداف الدرس وحل المشكلات التعليمية؛ بالتالي، لا تقتصر تكنولوجيا التعليم على مجرد استخدام الآلات والأجهزة الحديثة، بل تمتد لتشمل جميع الإمكانات البشرية والموارد التعليمية المتاحة، كما أنها تأخذ في الاعتبار مستوى المتعلمين، واحتياجاتهم، والأهداف التربوية الشاملة، مما يجعلها نهجًا أكثر شمولية في العملية التعليمية.

أهمية تكنولوجيا التعليم والوسائل التعليمية:

تكمن أهمية هذه الوسائل في تأثيرها العميق على العناصر الرئيسية الثلاثة في العملية التعليمية: المعلم، المتعلم، والمادة التعليمية. ويمكن تلخيص فوائد الوسائل التعليمية فيما يلي:

توسيع نطاق الخبرات الفردية:

 تتيح الوسائل التعليمية للطلاب فرصًا متنوعة للتعلم من خلال المشاهدة، والاستماع، والتأمل، والتفكير. ومع التغير السريع في مجالات العلم والتكنولوجيا، من الضروري أن يتم تقديم تجارب تعليمية متنوعة لمساعدة الطلاب على مواكبة هذا التطور، وذلك من خلال وسائل اتصال متقدمة تزيد من خبراتهم.

معالجة اللفظ والتجريد:

 تساعد الوسائل التعليمية على تحويل المفاهيم المجردة إلى تجارب ملموسة. من خلال استخدام الوسيلة المناسبة في الموقف التعليمي، يمكن للمعلم أن يجسد الألفاظ ويجعل معانيها واضحة للطلاب. الوسائل مثل الصور والتسجيلات الصوتية والعينات تعزز الخبرات المرئية والمسموعة، مما يسهم في زيادة استعداد الطلاب للتعلم.

إثارة الدافعية وزيادة النشاط: 

تعمل الوسائل التعليمية على جذب انتباه المتعلمين وتقديم المعلومات بطرق مشوقة، مما يزيد من إيجابيتهم ونشاطهم في عملية التعلم.

تعزيز فعالية التعلم واستدامته: 

تقدم الوسائل التعليمية معلومات حية وقوية التأثير، مما يجعلها أكثر قابلية للتذكر وأقل عرضة للنسيان. فهي تساعد الطلاب على تثبيت المعلومات في أذهانهم واستحضارها عند الحاجة، بفضل التأثير القوي والوضوح الذي تتمتع به.
رفع كفاءة التعليم وجودته: تسهم الوسائل التعليمية بشكل فعّال في توفير الوقت والجهد لكل من المعلم والمتعلم، مما يرفع من كفاءة العملية التعليمية.

توفير فرص التنوع والتجديد: 

تتيح الوسائل التعليمية إمكانيات متعددة للتجديد في طرق التدريس، مما يساعد في معالجة مشكلة الفروق الفردية بين الطلاب. فبغض النظر عن حجم الصف، يمكن للمعلمين تقديم الوسائل التعليمية بطرق تدفع الطلاب للتفاعل بأساليب متنوعة.

تشكيل الاتجاهات المرغوب فيها: 

تلعب الوسائل التعليمية دورًا في تعديل السلوك وتكوين الاتجاهات التربوية المرغوبة. إذ لا تكفي المعلومات وحدها لتغيير اتجاهات المتعلمين، بل تحتاج إلى وسائل تؤكد هذه المعلومات وتدعمها.

التغلب على القيود الزمنية والمكانية: 

تقرب الوسائل التعليمية بين المسافات الزمنية والمكانية، مما يمكن المتعلمين من مشاهدة تفاصيل دقيقة قد يصعب رؤيتها بطرق أخرى.

تركيز العملية التعليمية على المتعلم: 

بفضل التكنولوجيات الحديثة، انتقلت العملية التعليمية من كونها تتمحور حول المعلم إلى وضع المتعلم في مركزها، ولم يعد المتعلم مجرد مستمع ومتلقٍ، بل أصبح محور العملية التعليمية وأساسها.

ما هي مراحل تطور مفهوم تكنولوجيا التعليم؟

يشتمل تطور  مفهوم تكنولوجيا التعليم على حدة مراحل، وهي كالتالي:

المرحلة الأولى: حركة التعليم البصري:

تعتمد هذه المرحلة من تطور مفهوم تكنولوجيا التعليم على التركيز على التعليم البصري المرئي، وتعد الوسائل البصرية جزءًا أساسيًا في هذه المرحلة، حيث تشمل صورًا، نماذج، أدوات، أو أي شيء يوفر للمتعلم خبرة مرئية محسوسة، وتهدف هذه الوسائل إلى تعزيز الفهم، توضيح المفاهيم المجردة، تنمية الاتجاهات المرغوبة، أو تحفيز المتعلم للقيام بأنشطة إضافية. 
بُنيت حركة التعليم البصري على فكرة أن استخدام الوسائل البصرية يجعل الأفكار المجردة أكثر وضوحًا وإدراكًا للمتعلمين، مما أدى إلى استخدام الصور، النماذج، الرسوم، والكتب المختلفة، وقدمت هذه الحركة مفهوم تصنيف الوسائل وأنواعها بدلاً من مجرد سردها، وأكدت على أهمية دمج الوسائل البصرية مع المنهاج التعليمي بدلاً من استخدامها بصورة منعزلة.
ومع ذلك، كانت هناك نقاط ضعف في هذه المرحلة، حيث ركزت بشكل كبير على الوسائل ذاتها دون الاهتمام بتصميم المادة التعليمية وتطويرها وإنتاجها وتقويمها وإدارتها بشكل شامل، وكما اعتبرت الوسائل البصرية أدوات مساعدة في التعليم أكثر من كونها وحدات تعليمية مستقلة.
مع اكتشاف تسجيل الأصوات والأفلام المتحركة الناطقة، تطورت حركة التعليم البصري لتشمل الصوت، مما أدى إلى الانتقال إلى مرحلة جديدة في التعليم تُعرف باسم حركة التعليم السمعي البصري.

المرحلة الثانية: حركة التعليم السمعي البصري:

تشير هذه المرحلة إلى استخدام أنواع مختلفة من الأدوات والأجهزة التي تهدف إلى نقل المعرفة والخبرات والأفكار عبر العين والأذن. وقد عززت هذه الحركة أهمية الخبرة الحسية في عملية التعليم، مؤكدة على دور الوسائل السمعية البصرية كجزء لا يتجزأ من العملية التعليمية. 
تم اعتبار الوسائل السمعية البصرية كأدوات حديثة تعزز تقديم خبرات حسية ملموسة، كما أشار "كيوان" (1955)، وهذه الحركة أضافت عنصر الصوت إلى التعليم البصري، مما أدى إلى تطوير تجربة تعليمية أكثر شمولية.
مع نهاية الحرب العالمية الثانية، بدأ يظهر اتجاه جديد أثر على حركة التعليم السمعي البصري، حيث تغيرت النظرة إلى هذه الوسائل، وتم استبدالها بإطارين متوازيين هما: مفاهيم نظرية الاتصال والمفاهيم المبكرة للنظم، واللذان ظهرا معًا في نفس الوقت.

المرحلة الثالثة: مفهوم الاتصال:

الاتصال هو العملية التي يتم من خلالها نقل المعرفة من شخص إلى آخر، بحيث تصبح مشتركة ومفهومة بين الطرفين، مما يؤدي إلى تحقيق التفاهم بينهما، وهذه العملية ديناميكية، حيث يتفاعل فيها المرسل والمستقبل داخل بيئة تعليمية، مما يعزز تبادل المعرفة.
مع ظهور مفهوم الاتصال، تحول التركيز من الأدوات والمواد إلى طرائق التعليم نفسها. فقد أحدث هذا المفهوم تحولاً في الإطار النظري للتقنيات التربوية، حيث لم يعد الاهتمام منصبًا فقط على الأشياء الموجودة في المجال التعليمي، بل على العملية الكاملة التي يتم من خلالها نقل المعلومات من المصدر (سواء كان المعلم أو المواد والأجهزة) إلى المستقبل (المتعلم).
إضافة إلى ذلك، أضاف مفهوم الاتصال أهمية لاستخدام النماذج الديناميكية في التعليم؛ وهذه النماذج، التي تم تطويرها بفضل نظريات الاتصال، تقدم طرقًا متحركة لفهم العمليات التعليمية. من بين هذه النماذج، نموذج الاتصال الذي قدمه "برلو" عام 1965، والمعروف باسم نموذج: المصدر، الرسالة، القناة، المستقبل؛ ففي هذا النموذج، يُنظر إلى المعلم، والمتعلم، والمواد التعليمية كمكونات متكاملة ضمن إطار التقنيات التربوية، مما يعكس أهمية العمليات الاتصالية في التعليم، وليس فقط العناصر المادية المستخدمة.

المرحلة الرابعة: مفهوم النظم:

النظام هو مجموعة من المكونات المرتبة والمنظمة التي تعمل معًا لتحقيق هدف مشترك، وظهر هذا المفهوم بالتزامن مع مفهوم الاتصال، مما زاد من أهميته في استيعاب الأفكار التعليمية بشكل شامل.
أسهم هذا المفهوم في دمج التعليم الجماعي والفردي مع التعليم التقليدي في إطار نظام تعليمي واحد؛ فبفضل ذلك، أصبح من الممكن تقسيم عملية التعليم إلى عناصر متعددة، تشمل أساليب العرض الجماعي والفردي، والتفاعل، ومراحل الإبداع، مما أتاح إمكانية إيجاد النظام المناسب لكل مشكلة تعليمية.
أكد مفهوم النظم على أن الوحدة الأساسية أو الناتج النهائي في المجال التعليمي هو نظام تعليمي كامل، وليس مجرد مواد تعليمية فردية، كما شدد على ضرورة النظر إلى المواد التعليمية كأجزاء من النظام التعليمي الشامل، وليس كوسائل تعليمية منفصلة تُستخدم بشكل مستقل.
تداخل مفهوم الاتصال مع المفاهيم المبكرة للنظم، مما أدى إلى تطوير هيكل تربوي منظم يعتمد على تنظيم الرسائل وترتيبها من خلال الأفراد والأدوات، فهذا التداخل ساهم في ظهور مجال جديد أثر بشكل كبير على تكنولوجيا التعليم، وهو العلوم السلوكية.

المرحلة الخامسة: العلوم السلوكية:

تتمثل أبرز إسهامات العلوم السلوكية في مجال تكنولوجيا التعليم في الانتقال من التركيز على المثيرات إلى التركيز على السلوك المعزز، وقد أدت هذه النظرة إلى الاهتمام باستجابة المتعلم والتغذية الراجعة المتعلقة بهذه الاستجابة، واستخدام الأدوات كوسيلة لدعم التعزيز بدلاً من مجرد العرض، ففي ظل الوضع الحالي، لا يستطيع المعلم تحقيق التعزيز بمفرده بفعالية كما هو مطلوب.
كما برزت العلوم السلوكية في الانتقال من استخدام مواد العرض التقليدية إلى الاعتماد على الآلات التعليمية والتعلم المبرمج، وكانت آلات "سكنر" التعليمية وحركة التعليم المبرمج تطبيقات عملية للمفهوم الذي يشير إلى أن الأدوات والمواد التعليمية تقوم بأدوار تتجاوز مجرد تقديم المعلومات.
إضافة إلى ذلك، قدمت الأهداف السلوكية مفهومًا جديدًا يركز على سلوك المتعلم والظروف التي يتم في إطارها، ووفقًا لـ "ميجر"، تتكون الأهداف السلوكية من ثلاثة مكونات أساسية: السلوك أو الأداء، وظروف الأداء، ومعيار الأداء. هذا التركيز الجديد يعزز من تحديد وتقييم سلوك المتعلم بشكل أكثر دقة.





تعليقات