📁 المقالات الحديثة

المتطلبات اللغوية للكتابة الأكاديمية

 

ما هي المتطلبات اللغوية للكتابة الأكاديمية

ما هي المتطلبات اللغوية للكتابة الأكاديمية؟

إن للكتابة الأكاديمية لغتها الخاصة، التي تجعل العلاقة بين القدرات والمهارات اللغوية من جهة، والمهارات والقدرات في التفكير الناقد (وهو أداة ومتطلب ضروري للبحث العلمي) من جهة أخرى، علاقة مهمة جداً، يجب ألا تُغفل أو يقلل من أهميتها.


ما تعريف اللغة؟

تُعرف اللغة، حسب الموسوعة البريطانية، على أنها التعبير عن الأفكار بأصوات الكلام مجمعة في كلمات تُكون جملاً تحمل مواد فكرية.

كما تعرف اللغة، بأنها القدرات والمهارات التي يستخدمها الإنسان للتواصل والتعلم والتفاعل، من خلال مهارات التحدث والاستماع والكتابة والقراءة، في نظام عقلي ونفسي، بسيط ومعقد في نفس الوقت، يتمثل في الرموز والعلامات والتراكيب والمعاني والدلالات.

ويقصد باللغة المكونات ذات الطبيعة اللغوية، ألفاظاً وعبارات ونصوصاً ومعاني ودلالات وصياغة وأسلوباً، في البحوث الأكاديمية المكتوبة.


ما تعريف الكتابة الأكاديمية؟

تعرف الكتابة الأكاديمية بأنها أسلوب ونسق لغوي، له أدواته وألفاظه وتراكيبه وبناؤه، ودلالاته ومعانيه وصياغته وخصائصه، تكتب به البحوث والدراسات والرسائل والأطروحات والتقارير والملخصات العلمية، مما يجعل هذا النوع من الكتابة متميزة عن غيرها من أنواع الكتابة الأخرى.


أنواع الكتابة الاكاديمية:

للكتابة الأكاديمية عدة أنواع، وسوف نذكر هذه الأنواع كما يلى:

  1. الرسائل والأطروحات العلمية التي تتوج جهد طلاب الدراسات العليا للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه.
  2. البحوث والمقالات العلمية المقدمة للنشر العلمي.
  3. الملخصات العلمية والمقالات النقدية للكتب والأبحاث العلمية.
  4. المقالات النقدية التصنيفية للمراجع في موضوع معين.
  5. المراجعات النظرية.
  6. الدراسات المقارنة والتاريخية.
  7. التقارير المخبرية.
  8. الملخصات العلمية.


الكتابة الأكاديمية وخصائصها:

تُعرف الكتابة الأكاديمية بأنها كتابة العلماء للعلماء، أو كتابة طلاب العلم والعلماء المتخصصين لزملائهم.

كما تعرف بأنها أسلوب كتابة خاص بالمؤسسات الأكاديمية، وبمعنى آخر إنه الأسلوب الذي يستخدمه الطلاب الجامعيون وطلاب الدراسات العليا والمحاضرون عندما يحاولون الإجابة على أسئلة أكاديمية محددة، في المقالات والرسائل والأطروحات والأوراق الأكاديمية.

والكتابة الأكاديمية عمل جاد مكثف المعنى والمنهج، له جمهوره وقراؤه الخاصون، اللذين يحكمون عليه، حقيقة ومجازاً، حكماً معلناً أو مستبطناً، من خلال الخصائص والمعايير العلمية واللغوية، التي من أهمها ما يلي:

أولاً: الموضوعية:

الكتابة الأكاديمية لغة موضوعية وليست عاطفية ولا شخصية، حيث:

  1. يجب ألا تحتوي إلا على القليل من الأحكام والآراء والنمطيات والمسلمات والتعميمات، إلا فيما هو في سياقه الموضوعي الواضح، الذي لا يؤاخذ عليه الكاتب عملياً ومنهجياً.
  2. تركز على المعلومات والجمل الخبرية الدالة وعلى التحليل والتفسير والتركيب والاستنتاج الموضوعي.
  3. تصف وتناقش الظاهرات لتفهمها بأسلوب " ما هو كائن " لا بلغة " ما يجب أن يكون " بدون مقدمات تحليلية تمهد وتؤيد ذلك.
  4. أنه لا شك أن الاستنتاجات والتوصيات التي تأتي في نهاية النص الأكاديمي المكتوب، فيها ذات الكاتب، بل وخلاصة جهده، ولكنها ليست آراء وأحكاماً ومقولات لا تقوم على سند علمي، بل يجب أن تكون خواتيم منطقية لسياق الموضوع، توصل إليها الكاتب من خلال منهج وتسبيب واستخلاص واستنتاج منطقي لا ثغرة فيه.

ثانياً: المسئولية:

الكاتب مسؤول عن النص والبحث الذي يكتبه، سواء تعامل معه بمسؤولية وعلمية وموضوعية، أو كان دون ذلك، ولذلك فإن إحساس الباحث والأكاديمي وطالب العلم بمسؤوليته عن البحث تتطلب منه الجدية في القراءة المعمقة في موضوعه ومناقشته مع الأوساط العلمية والباحثين المتخصصين في الموضوع والحقل الذي ينتمي إليه البحث، متخلقاً بأخلاق طلاب العلم من الأمانة والنزاهة وقبول النقد وتحمل تبعات اجتهاده في المصداقية، مع إثبات وتوثيق كل ما يستخدمه من حقائق وأفكار في بحثه، وعزوها لأهلها ومصادرها.

ثالثاً: الوضوح:

الكتابة الأكاديمية صريحة وسياق النص وتسلسل الأفكار والعلاقات واضحة ومنطقية، ومن مسؤولية الكاتب ومن واجبه تجاه نفسه ونصه وقارئه، أن تكون الجمل والأفكار والفقرات والعناوين الرئيسية والفرعية وكل أجزاء البحث مترابطة في سياق منطقي وموضوعي محكم، مستخدماً كل أدوات اللغة المتاحة، لجعل المادة المكتوبة متماسكة ومفهومة ومقبولة في الدوائر العلمية.

رابعاً: الدقة:

اللغة الأكاديمية لغة تستخدم التراث العلمي وأدبيات الموضوع والحقول المعرفية والمعرفة المتراكمة والتواريخ والأرقام والحقائق، إذ:

  1. يجب أن تكون دقيقة وصادقة وكاملة في عرض النظريات والحقائق والإحصائيات والمواقف والاقتباسات.
  2. أن النص يجب أن يكون دقيقاً وصحيحاً فيما يتناوله، بل إن لغة البحث وأسلوبه وصيغته وبناءه يجب أن تكون دقيقة وواضحة للقارئ.
  3. أن هذا ما درج عليه الباحثون عندما يضعون حدوداً للبحث حتى لا يحسب عليهم ما أغفلوه، أو وصفوه خارج إطار بحوثهم.

خامساً: العقلانية:

لغة البحث العلمي لغة تقوم على المنطق العقلاني واثبات الحجة وتقديم البراهين والإقناع، ولا مجال فيها للمبالغات وأي ضعف منطقي أو غموض أو خروج عن سياق البحث ومنهجيته، يؤدي إلى الانتقاص من البحث والباحث، بل قد يحكم القارئ ذو العقل النافذ على الباحث ُحكماً سلبياً، وقد لا يقبل في الدوائر العلمية وقد يرفض نشره في قنوات النشر الأكاديمي المعتبرة.

سادساً: الرسمية:

  1. الكتابة الأكاديمية تتطلب أسلوباً لغوياً لا يستخدم اللهجات ولا الكلمات العامية ولا "الأنا" الصريحة ولا التفخيم للذات باستعمال "أنا" الجماعة، ولا التعبير الشخصي المباشر من الكاتب.
  2. الأسلوب اللغوي الأكاديمي يماثل الزي الرسمي في الأعياد والمناسبات، إنه أسلوب له طابعه وألفاظه ذا كانت الأساليب اللغوية الرسمية مطلوبة وعباراته وبناؤه الخاص واذا كانت الاساليب اللغوية الرسمية مطلوبة وظاهرة ومستخدمة في الوثائق القانونية.
  3. الكتابة الأكاديمية يجب ألا تقل أهمية ولا رسمية عنها.
  4. التركيز في الكتابة الأكاديمية منصب على الموضوع، ولذلك لا يتم استخدام العبارات والأفعال التي تشير مباشرة للكاتب، إلا بطريقة غير مباشرة أو عندما يتطلبها السياق لإثبات موقفه من نقطة معينة.
  5. بالرغم من ضرورة أن تكون شخصية الباحث العلمية والمنهجية واللغوية، حاضرة ومؤثرة في النص، فهو جهده وعمله.

سابعاً: القوة

قوة النص الأكاديمي وفصاحته تدل على عمق التفكير وقوة اللغة ورجاحة الفكر والثقافة الواسعة والشاملة، وهذا يجعل النص والبحث قوياً كرسالة بين مرسله الكاتب ومتلقيه القارئ، فيقبله ويحكم عليه ويتحاور ويختلف معه، بعكس النصوص ذات اللغة الضعيفة، التي تجعل القارئ يعزف عنها ويهملها ولا يكترث بها.

ثامناً: الكثافة والتعقيد:

اللغة الأكاديمية لغة معقدة ومكثفة، وتحتوي ألفاظاً ومصطلحات ومفاهيم وتراكيب وجملاً وعبارات ونصوصاً ونظريات متعددة ومعقدة ، وهي لغة قواعدية، لا يتمكن منها إلا المتعلمون تعليما متقدماً.

تاسعاً: السلامة اللغوية:

  1. لغة الباحث العلمي الجاد لغة خالية من الأخطاء اللغوية، من حيث اختيار الألفاظ في سياقات البحث، بالدلالات والمعاني التي تقوي النص ومن حيث سلامة العناوين وتركيب الجمل والاستخدام الصحيح للقواعد النحوية والإملائية وبناء الفقرات، حتى يكون النص حاملاً وحاوياً أميناً للأفكار الجزئية والكلية وسياق البحث المنطقي.
  2. شخصية الباحث وبحثه يتأثران سلباً و إيجاباً، بمدى سلامة اللغة، من العنوان حتى آخر كلمة، ولذلك فإن الكاتب الجيد يمضي وقتاً وجهداً غير قليلين في تصحيح الأسلوب والصياغة والتعديل والحذف والإضافة والتصحيح والتنقيح.
  3. إن من المهم أن يكون الأسلوب والصياغة والعنونة والتبويب والترقيم والتصنيف وبناء الفقرات واستخدام أدوات الربط وطرق التوثيق وكتابة المراجع والمصادر وطريقة الطباعة، وما في حكمها، موحدة ومقبولة ومتناغمة، في جميع أجزاء البحث.

عاشراً: الحذر:

من أهم المتطلبات اللغوية للكتابة الأكاديمية، إذ أن اللغة الأكاديمية لغة حذرة لا تستخدم كلمات ولا عبارات قاطعة ولا تأكيدية ولا ادعائية، فيما لا يمكن تأكيده أو توثيقه أو القطع فيه، حيث:

  1. أن عندما يكون الأمر أو السياق يتطلب موقفاً من الكاتب فلا بأس من استخدام اللغة التي تدل على موقفه ورأيه من الأشياء، بالقوة اللغوية التي تتناسب مع ما قدمه من تحليل أو استنتاجات.
  2. أن اللغة الأكاديمية يمكن أن تكون لغة رأي للكاتب ولكن بالأسلوب والصياغة والألفاظ المناسبة، وبعد أن يؤسس لذلك بالحقائق والمنهجيات والاستنتاجات العلمية بلغة موضوعية، غير ذاتية.

الحادي عشر: عدم السخرية:

السخرية من الأشخاص أو من أعمالهم أو من مواقفهم، ليست مقبولة في الكتابة الأكاديمية، واذا كان النص الذي يكتبه الأكاديمي لا يتفق مع الأشخاص أو مواقفهم أو أعمالهم، فإن لغة التفكير الناقد واللغة الراقية ألفاظاً وأسلوباً ومعاني ودلالات هي اللغة التي يجب أن تستخدم.

الثاني عشر: عدم الانحياز:

يعتبر الانحياز لأسباب ذاتية أو شخصية أو حضارية أو قيمية، بدون أساس عقلاني موضوعي تحليلي مؤسس لموقف الكاتب ورأيه، أمراً مرفوضاً وغير مقبول في الكتابة الأكاديمية.

الثالث عشر: التنظيم:

لإستيفاء المتطلبات اللغوية للكتابة الأكاديمية يجب أن نعلم أن الكتابة المنظمة تسمح للقارئ بأن يفهم ويتتبع منطقياً فكر الكاتب، فهناك المدخل أو المقدمة وهناك جوهر البحث وهناك الخاتمة، وهناك عناوين رئيسة وأخرى فرعية، وهناك إشارات وعلامات للتوثيق والترقيم والربط، وغير ذلك مما تتطلبه الأعمال العلمية المكتوبة.

اطلع أيضًا على كيفية كتابة الورقة العلمية


ما هي المتطلبات اللغوية للكتابة الأكاديمية؟

تتمثل المتطلبات اللغوية للكتابة الأكاديمية في وظائف اللغة وخصائصها التي تنعكس على طبيعة العلاقة بين اللغـة والفكـر والبحـث العلمـي، التي يمكن وصفها على النحو التالي:

  1. المستوى المتقدم للمهارات اللغوية حيث هناك أربع مهارات لغوية أساسـية وهي (مهارة الاستماع، مهارة التحدث، مهـارة الكتابـة، مهارة القراءة).
  2. الاستخدام الصحيح للألفاظ والمفردات حيث أن اللغة بنـاء مركـب، وحدتـه الأساسـية الألفـاظ، فـي أصـولها اللغويـة واشـتقاقاتها، مـن الأسـماء والضمائر والأفعال والصفات والأدوات الأخرى.
  3. التأكد من سلامة المعاني والدلالات حيث أن هـذه الكلمـة أو اللفـظ يمكـن أن تـدل علـى أي مـن المعاني الآتية (معنى لغوي، معنى اصطلاحي، معنى إجرائي، المعنـى فـي سـياق نـص مكتـوب).
  4. التركيب الصحيح للجمل فالجملة عبارة عن تعبير لغوي ذي دلالة ومعنى وفكرة مستقلة بذاتها، واذا كانت في سـياق موضـوعي معين، فيجب أن تكون متوافقة ومتسقة مع السياق قبلها وبعدها.
  5. البناء الصحيح للفقرات فالفقرة هي مجموعة من الجمل المترابطة في المعنى، تحمل أفكاراً جزئية في سياق فكرة أشمل تعبر عنها الفقرة في سياق الفكرة الكلية للعنوان.
  6. الاستخدام الصحيح لأدوات الربط فإن أدوات الربط تربط الأفكار ببعضها وتسهل الانتقال مـن فكـرة إلـى فكـرة ومـن جـزء إلـى جـزء.


المتطلبات اللغوية التي يجب أن تتضمنها الكتابة الأكاديمية:

إضافة لما سبق هناك العديد من المتطلبات اللغوية للكتابة الأكاديمية نذكر من أهمها:

  1. الصياغة القوية للعناوين فالعنوان الجيد هو أقصر وأوجز ملخص لما تحته، ولذلك فإن صياغة العنوان وبنائـه اللغوي، قضـية مهمـة فـي الكتابـة الأكاديميـة.
  2. الصياغة الصحيحة للتساؤلات والفرضيات حيث تمثـل التسـاؤلات والفرضـيات الانعكـاس العلمـي والمنهجـي لإشـكالية البحـث.
  3. الصياغة الصحيحة والاستخدام الصحيح للمفاهيم والمصطلحات فللمصطلحات والمفاهيم لغة خاصة بها في كل حقل معرفي، بل في النشاطات الإنسانية، وهذه اللغـة الاصـطلاحية، هـي مـا يميـز لغـات العلـوم والحقـول المعرفيـة عـن بعضـها.
  4. الاستخدام الصحيح للغة الأرقام والرموز والإيضاحات فاللغة ليسـت حروفـاً وكلمـات فقـط، التـي طابعهـا كيفـي إلـى حـد كبيـر.
  5. تقوية الأدوات اللغوية للتفكير الناقد حيث تعتبـر القـدرات والمهـارات اللغويـة للتفكيـر الناقـد  مـن أهـم الأدوات والمهــارات الضــرورية لطــلاب العلــم وللبــاحثين الأكــاديميين.
  6. القدرة اللغوية على اكتشاف الأخطاء حيث أن اللغـة سـلاح ذو حـدين فـي يـد الباحـث، فـيمكن للغـة أن تجعـل منطـق البحـث قويـاً يـؤدي إلـى نتائج مقبولـة عقـلاً ومنطقـاً وموضـوعاً.
  7. إظهار الشخصية اللغوية سواء أراد الباحث أو لم يرد، فإن البحث مرآة عاكسة لقدراته ومهاراتـه لـيس فقـط فـي التفكيـر والمعرفة والبحث العلمي، بل في قدراتـه ومهاراتـه اللغويـة التـي هـي الحاويـة والموصـلة لكـل ذلـك.
  8. سلامة التشكيل والتنقيط والهمزة فإن مـن المهم للباحث أن يكون حريصاً على سلامة التنقيط ومكان الهمزة.
  9. سلامة الصياغة والأسلوب اللغوي حيث تعتبـر الصـياغة والأسـلوب اللغـوي مـن أهـم المعـايير التـي يحكـم بهـا علـى جـودة العمـل العلمـي.


تعليقات