عناصر المقدمة في خطة البحث وأهم معاييرها
تُعَد مقدمة خطة البحث الواجهة الأولى التي تعكس جودة العمل العلمي ومنهجيته، فهي المدخل الذي يقدّم للقارئ تصورًا شاملًا عن موضوع الدراسة وأهميتها ومبررات اختيارها. ومن هنا يبرز التساؤل: ما عناصر المقدمة في خطة البحث وأهم معاييرها الأكاديمية؟، إذ تتضمن المقدمة عادةً تحديد خلفية الموضوع، وصياغة المشكلة البحثية، وبيان أهداف الدراسة وتساؤلاتها، مع توضيح حدودها وأهميتها النظرية والتطبيقية. إن كتابة المقدمة وفق معايير أكاديمية دقيقة تتطلب وضوح الفكرة، وترابط الجمل، وتدرج الأفكار من العام إلى الخاص. فالمقدمة الناجحة لا تكتفي بتعريف القارئ بموضوع البحث، بل تُهيّئه لفهم مساره العلمي وتُظهر كفاءة الباحث في عرض فكرته بمنهجية رصينة ومتماسكة.
ما المقصود بمقدمة خطة البحث العلمي؟
هي الجزء الافتتاحي الذي يمهّد للقارئ فهم موضوع الدراسة ويبرز خلفيته العلمية وأهميته، من خلال توضيح المشكلة البحثية والسياق الذي تنتمي إليه. وتتضمن المقدمة عرضًا موجزًا للدوافع التي أدت إلى اختيار الموضوع، وأبرز الفجوات المعرفية التي يسعى الباحث لمعالجتها، مع الإشارة إلى أهداف الدراسة وتساؤلاتها بشكل متناسق. وتُعد مقدمة الخطة عنصرًا أساسيًا لأنها تمنح القارئ تصورًا أوليًا عن قيمة البحث وجدواه، وتحدد الاتجاه العام الذي ستتبعه الدراسة قبل الانتقال إلى بقية مكوناتها العلمية والمنهجية.
ما الأهمية الأكاديمية لمقدمة خطة البحث؟
تُعد مقدمة خطة البحث العلمي المدخل الرئيس الذي يُمهِّد لفهم موضوع الدراسة ويُعرّف القارئ بخلف
يتها العلمية وسياقها المعرفي، فهي بمثابة "البوابة الأكاديمية" التي تُقدِّم فكرة البحث بصورة منهجية شاملة ومنظمة. ومن منظور أكاديمي، تُعد المقدمة مكوِّنًا أساسياً لا تقل أهميته عن باقي عناصر الخطة، وتبرز أهميتها من خلال:
1-تحديد الإطار العام للبحث وتوضيح خلفيته العلمية
تُقدِّم المقدمة رؤية شاملة عن المجال الذي ينتمي إليه البحث، وتُبرز موقع المشكلة ضمن هذا الإطار العلمي. فهي تساعد القارئ على فهم السياق المعرفي للموضوع، وتُظهر مدى وعي الباحث بما كُتب في هذا المجال من دراسات سابقة واتجاهات نظرية.
2-ربط موضوع البحث بالواقع العلمي والتطبيقي
من خلال المقدمة، يُبيّن الباحث أهمية موضوعه وصلته بالقضايا العلمية أو المجتمعية المعاصرة، فيُبرز بذلك
جدوى البحث ومبررات إجرائه. هذه الصلة بين النظرية والواقع تُعد مؤشرًا على الوعي التطبيقي للباحث وقدرته على توجيه البحث نحو خدمة المعرفة والممارسة معًا.
3-تمهيد منطقي للوصول إلى مشكلة البحث
المقدمة الأكاديمية الجيدة لا تقتصر على عرض معلومات عامة، بل تُبنى بتدرج منطقي يقود القارئ من العام إلى الخاص، حتى تنتهي إلى صياغة مشكلة البحث صياغة دقيقة ومقنعة. وبهذا تكون المقدمة أداة فكرية تربط بين خلفية الموضوع والمشكلة التي سيتناولها البحث.
4-توضيح الدافع العلمي للبحث وإبراز أصالته
تُتيح المقدمة للباحث فرصة لبيان الفراغ المعرفي أو الفجوة البحثية التي يسعى بحثه إلى سدّها، وهو ما يمنح الدراسة قيمتها الأكاديمية. فكلما أوضح الباحث ما يميّز موضوعه عن الدراسات السابقة، دلّ ذلك على أصالة الفكرة وجدتها العلمية.
5-عرض المبررات التي تدعم اختيار الموضوع
تُظهر المقدمة الأسباب العلمية أو العملية التي دفعت الباحث لاختيار موضوعه دون غيره، كندرة الدراسات، أو الحاجة إلى تطوير نموذج نظري، أو ارتباط البحث بقضية وطنية أو مؤسسية. وهذا العرض يعكس قدرة الباحث على تبرير اختياراته علميًا لا عاطفيًا أو انطباعيًا.
6-تحديد النطاق الزمني والمكاني للبحث
في المقدمة يُوضّح الباحث الحدود العامة لدراسته من حيث الزمان والمكان والمجال التخصصي، مما يُساعد في تحديد مجال الدراسة بدقة ومنع التشتت أو التعميم المفرط. هذا التحديد يُبرز الوعي المنهجي لدى الباحث في ضبط المتغيرات المؤثرة في موضوعه.
7-تهيئة القارئ لفهم بقية مكونات الخطة
تُعد المقدمة جزءًا تمهيديًا يؤسس لبقية عناصر الخطة، مثل الأهداف، والفرضيات، والإطار النظري. فهي تُقدّم خلفية معرفية تُهيّئ القارئ لفهم هذه العناصر في سياقها الصحيح، مما يجعل الخطة أكثر ترابطًا واتساقًا أكاديميًا.
8-إبراز مهارة الباحث في الكتابة الأكاديمية والتحليل المنهجي
من خلال المقدمة، يُظهر الباحث قدرته على الصياغة العلمية الدقيقة، والتفكير التحليلي المنطقي، والالتزام بأسلوب الكتابة الأكاديمية الرصين. فهي تُعد مؤشرًا مبكرًا على مستوى الباحث العلمي وجودة لغته وأسلوبه في العرض المنهجي.
إن الأهمية الأكاديمية لمقدمة خطة البحث تكمن في كونها المدخل الفكري والمنهجي الذي يُبنى عليه البحث بأكمله. فهي تُحدد الإطار العام، وتُبرز أهمية الموضوع وأصالته، وتُهيّئ الطريق لصياغة المشكلة والأهداف والفرضيات. وبقدر ما تكون المقدمة دقيقة ومنظمة ومبنية على منطق علمي واضح، بقدر ما تعكس نضج الباحث الأكاديمي وقدرته على بناء خطة بحثية متماسكة ومنهجية.
ما عناصر مقدمة خطة البحث العلمي؟
تُعد مقدمة خطة البحث العلمي حجر الأساس في بناء الخطة بأكملها، فهي التي تُمهّد للقارئ فهم موضوع الدراسة، وتوضح مسارها الفكري والمنهجي منذ البداية. ولذلك فإن صياغتها وفق عناصر محددة ومنظمة يُعد شرطًا أكاديميًا لضمان ترابط الخطة واتساقها. وفيما يلي أبرز العناصر التي يجب أن تتضمنها مقدمة البحث العلمي من منظور أكاديمي ومنهجي دقيق:
1-التمهيد العام للموضوع
يبدأ الباحث المقدمة بفقرة تمهيدية تُبرز الإطار العام للموضوع ومجاله العلمي، بحيث تُقدِّم خلفية معرفية مختصرة تُعرِّف القارئ بالسياق الذي تنتمي إليه الدراسة. ويُراعى في هذا التمهيد أن يكون مباشرًا، واضحًا، ومرتبطًا بالبحث نفسه دون مبالغات إنشائية أو مقدمات عامة.
2-تحديد أهمية الموضوع وأسباب اختياره
يُبرز الباحث في هذا الجزء مبررات اختيار موضوعه من خلال توضيح قيمته العلمية أو التطبيقية، ومدى إسهامه في إثراء المعرفة أو حل مشكلة واقعية. وتُعد هذه الفقرة من أهم أجزاء المقدمة لأنها تُظهر وعي الباحث بأهمية دراسته وحدودها المعرفية.
3-عرض الخلفية النظرية والمشكلة البحثية
تُشكّل الخلفية النظرية السياق العلمي الذي يُبرز كيف نشأت المشكلة البحثية وما موقعها ضمن الأدبيات السابقة. ويتعين على الباحث أن يوضّح الفجوة المعرفية أو القصور العلمي الذي يسعى بحثه إلى معالجته، وصولًا إلى صياغة المشكلة بصورة دقيقة ومنطقية.
4-توضيح حدود الدراسة ونطاقها العام
من الضروري أن يوضّح الباحث الحدود العامة لبحثه سواء كانت زمنية أو مكانية أو موضوعية، حتى يفهم القارئ الإطار الذي ستدور فيه الدراسة. فغياب هذا التحديد يُحدث غموضًا في فهم مدى شمولية أو تركيز البحث.
5-إبراز الهدف العام من البحث
يُشير الباحث في المقدمة إلى الغاية الأكاديمية الأساسية التي يسعى لتحقيقها، دون الخوض في تفاصيل الأهداف الفرعية. هذا التوضيح يربط بين المقدمة وبقية عناصر الخطة مثل الأهداف والفرضيات والإطار النظري.
6-الإشارة الموجزة إلى الدراسات السابقة ذات الصلة
يُستحسن أن تتضمن المقدمة إشارة مختصرة إلى أبرز الدراسات السابقة التي تناولت الموضوع أو جوانبه، دون الدخول في تحليلها التفصيلي. الهدف من ذلك هو إظهار وعي الباحث بالمصادر العلمية ذات الصلة وتمهيد الطريق لتبرير بحثه الجديد.
7-تحديد الفجوة البحثية أو القصور العلمي
تُعد هذه الخطوة من أهم عناصر المقدمة، إذ توضّح بجلاء ما الذي لم تتناوله الدراسات السابقة، أو ما الإشكالية التي ظلت بلا معالجة. هذا التحديد يُبرز أصالة البحث وقيمته الإضافية في تطوير المعرفة.
8-الصياغة التمهيدية لمشكلة البحث
تُختتم المقدمة عادةً بفقرة تمهّد لعرض مشكلة البحث، بحيث ينتقل النص بسلاسة من عرض الخلفية والمبررات إلى تحديد المشكلة بدقة. هذه الصياغة تُعد الجسر المنطقي الذي يربط المقدمة ببقية عناصر الخطة.
إن عناصر مقدمة خطة البحث العلمي تتكامل لتؤدي وظيفة معرفية ومنهجية في آنٍ واحد؛ فهي تُقدّم خلفية علمية، وتوضح الأهمية والمشكلة، وتُبرز الفجوة التي يسعى البحث لسدّها.
ما معايير كتابة مقدمة خطة البحث الأكاديمية؟
تُعد مقدمة خطة البحث أول عنصر يُقيّم من قِبل اللجان الأكاديمية، لأنها تُظهر قدرة الباحث على تقديم مشكلة البحث في سياقها العلمي، وصياغة الخلفية النظرية بشكل منطقي، وربطها بأهمية الدراسة وأهدافها. ولذلك تعتمد الجامعات على مجموعة معايير دقيقة لضمان أن تكون المقدمة رصينة، متسلسلة، وقادرة على تمهيد الطريق لبقية مكونات الخطة، وهي:
1-وضوح الفكرة المركزية للمشكلة
تتطلب المقدمة أن تعرّف القارئ بطبيعة المشكلة بوضوح دون مباشرة، عبر تقديم خلفية تمهيدية تُظهر تطور الظاهرة أو الإشكال الذي ستعالجه الدراسة. ويجب أن تُكتب بلغة أكاديمية محايدة خالية من الأحكام المسبقة أو العبارات الإنشائية.
2-الارتباط بالسياق البحثي العام
ينبغي أن توضّح المقدمة مكان الدراسة داخل الحقل العلمي، من خلال ربط الإشكالية بالأدبيات والدراسات السابقة، وإظهار الفجوة المعرفية التي تستدعي إجراء البحث. هذا الترابط يعكس إلمام الباحث بالإطار النظري ويعزز الموثوقية العلمية.
3-بناء تمهيد منطقي متدرّج
تشترط المعايير الأكاديمية أن تُبنى المقدمة بطريقة تصاعدية تبدأ من العام إلى الخاص، بحيث ينتقل القارئ من السياق العام للموضوع إلى النقطة الدقيقة التي تمثل جوهر المشكلة. هذا التسلسل يُظهر مهارة الباحث في التنظيم المنهجي للفكر.
4-إبراز أهمية الموضوع
تتضمن المقدمة فقرة تُبين أهمية دراسة المشكلة من الناحية العلمية والعملية. يجب أن تكون الأهمية واقعية ومدعومة بمنطق بحثي، لا مجرد ادعاءات عامة. وتتمثل أهميتها في سد فجوة معرفية أو دعم نظرية أو تقديم حلول تطبيقية جديدة.
5-تحديد الهدف العام للدراسة
تُلمّح المقدمة دون تفصيل إلى الهدف الرئيس الذي تسعى الدراسة إلى تحقيقه، بحيث يشعر القارئ بالاتجاه العام للبحث قبل الانتقال إلى الأهداف التفصيلية لاحقًا. هذا التلميح يساعد في تهيئة القارئ لفهم مكونات الخطة بوضوح.
6-اللغة الأكاديمية والأسلوب الرسمي
تُشترط الكتابة بلغة علمية دقيقة خالية من الزخارف، والاقتباسات المباشرة غير الضرورية، والتكرار، والكلمات الانفعالية. كما ينبغي تجنب الأسئلة الإنشائية والاستخدام المفرط للعلامات.
الأسلوب الأكاديمي يراعي الاتساق والموضوعية واستخدام أدوات الربط مثل:
“في هذا السياق”، “انطلاقًا من ذلك”، “بناءً عليه”.
7-الاتساق مع بقية مكونات الخطة
يجب أن تكون المقدمة منسجمة مع مشكلة البحث، وأهدافه، وفرضياته، وإطاره النظري. أي خلل في هذا الاتساق — مثل تقديم مشكلة لا تناسب الأهداف — يُعد ضعفًا منهجيًا يؤثر على قبول الخطة.
8-الإيجاز وعدم الإطالة
تشدد الجامعات على أن تكون المقدمة مختصرة ومباشرة، غالبًا بين 3–6 فقرات، دون استطراد أو تفريع غير ضروري. الإيجاز يعكس قدرة الباحث على عرض الفكرة الجوهرية دون تشتيت أو إغراق في التفاصيل.
9-خلوّها من التوثيق المباشر
لا يُفضل تضمين مراجع داخل المقدمة، لأن وظيفتها تقديم تمهيد عام. التوثيق يبدأ من الإطار النظري والدراسات السابقة. المقدمة تُمهّد، ولا تُحلّل أو تُناقش.
10-الانتهاء بتمهيد منهجي للمشكلة
يُختتم عادة بجملة تمهيدية تُفسح المجال لصياغة مشكلة البحث بصورتها المحددة، مثل:
"وبناءً على ما سبق، تتضح الحاجة لدراسة المشكلة الآتية…". هذا الربط يعكس مهارة الانتقال بين عناصر الخطة بطريقة منهجية.
ما هي خطوات صياغة مقدمة خطة البحث باحترافية؟
تتطلّب صياغة مقدمة خطة البحث باحترافية مهارة في تقديم الموضوع وبنائه منهجيًا، بحيث يشعر القارئ أن الباحث يملك رؤية واضحة لسياق المشكلة وأهميتها، ويقود القارئ تدريجيًا نحو جوهر الدراسة دون مباشرة أو إطالة. وتستند هذه الصياغة إلى معايير أكاديمية، وفيما يأتي خطوات احترافية متكاملة لصياغة مقدمة خطة البحث.
1-بدء المقدمة بخلفية علمية تمهيدية
تُفتتح المقدمة بطرح فكرة عامة عن مجال الدراسة أو الظاهرة التي يتناولها البحث، مع تقديم سياق معرفي يضع القارئ في الإطار العلمي دون الدخول مباشرة في المشكلة. هذا التمهيد يوضح موقع القضية ضمن الحقل البحثي، ويُعطي انطباعًا أوليًا عن أهمية الموضوع.
2-الانتقال التدريجي نحو تحديد نطاق الموضوع
يُضيّق الباحث دائرة الحديث تدريجيًا، عبر تحديد الجوانب الرئيسة للظاهرة، ثم الإشارة إلى التغيرات أو الإشكالات أو الاتجاهات المرتبطة بها. هذا الانتقال من العام إلى الخاص يُبرز قدرة الباحث على التنظيم المنهجي والتسلسل المنطقي للفكرة.
3-ربط الموضوع بالأدبيات والدراسات السابقة
تُشير المقدمة بصورة تحليلية مختصرة إلى أن الموضوع نوقش في الأدبيات، مع وجود جوانب لم تُعالَج بعد أو لم تُحلّل بعمق. هذا الربط يُظهر وعي الباحث بالمشهد البحثي القائم، ويؤسس للفجوة المعرفية التي تُبرّر الدراسة دون الحاجة لاستعراض مراجع.
4-إبراز المشكلة البحثية بشكل غير مباشر
قبل ذكر المشكلة بصورة رسمية، يجب أن تمهّد المقدمة لظهورها عبر عرض مؤشرات أو تحديات أو قصور في المعالجة العلمية للظاهرة. هذا العرض يُهيئ ذهن القارئ لاستقبال المشكلة بصياغة واضحة لاحقًا.
5-بيان أهمية دراسة المشكلة
تتضمن المقدمة فقرة تُبرز أهمية البحث من حيث قيمته العلمية أو التطبيقية. ويجب أن تكون هذه الأهمية منبثقة من الحاجة الواقعية للمعرفة، لا من عبارات إنشائية. يمكن الإشارة إلى أهمية سد فجوة معرفية، أو دعم قرار تربوي، أو تفسير علاقة غير محسومة في الأدبيات.
6-توضيح الهدف العام للدراسة
يُقدَّم الهدف العام بصياغة موجزة دون تفصيل، بحيث يَفهم القارئ الاتجاه الرئيس للدراسة، بينما تُعرض الأهداف التفصيلية لاحقًا. هذه الخطوة تعزز الترابط بين المقدمة وبقية عناصر الخطة.
7-استخدام لغة أكاديمية سلسة ومنضبطة
تُكتب المقدمة بلغة رسمية دقيقة، خالية من الزخارف والإنشاء، وتستخدم أدوات الربط المنهجية مثل:
“في هذا السياق”، “انطلاقًا من ذلك”، “وبناءً عليه”….
هذا الأسلوب يضمن اتساق الفكرة وقوة بنائها العلمي.
8-التحضير للانتقال إلى صياغة المشكلة
في ختام المقدمة تُكتب جملة تمهيدية تربط المقدمة بمشكلة البحث، مثل: “وبناءً على ما سبق، تظهر المشكلة الآتية التي تتطلب دراسة علمية دقيقة…”. هذا الربط يضمن اتصال المقدمة بالمكوّن التالي بطريقة منهجية متماسكة.
ما الأخطاء الشائعة في كتابة مقدمة خطة البحث؟
تُمثِّل مقدمة خطة البحث المدخل الفكري والمنهجي للدراسة، وهي من أكثر الأقسام التي تُظهر مستوى الباحث الأكاديمي وقدرته على بناء سياق علمي متماسك. غير أن العديد من الباحثين يقعون في أخطاء متكررة تُضعف من قيمة المقدمة وتُفقدها دورها التمهيدي في ربط القارئ بالمشكلة البحثية. وفيما يلي أبرز تلك الأخطاء الأكاديمية:
1-البدء بمقدمات إنشائية أو عامة لا علاقة لها بالبحث
يقع كثير من الباحثين في خطأ افتتاح المقدمة بعبارات فضفاضة مثل “يُعد العلم أساس التقدم” أو “يُعتبر الإنسان محور التنمية” دون أن تُفضي إلى موضوع الدراسة. المقدمة الجيدة يجب أن تبدأ بمدخل علمي مباشر يربط القارئ بالمجال البحثي ومشكلته الفعلية.
2-غياب التدرج المنهجي في عرض الفكرة
يُخطئ بعض الباحثين عندما يقفزون مباشرة إلى المشكلة البحثية دون بناء تمهيد منطقي من العام إلى الخاص. فالمقدمة الأكاديمية يجب أن تُقدِّم خلفية معرفية متدرجة تبدأ بعرض عام للمجال، ثم تنتقل إلى تحديد الفجوة العلمية أو الإشكالية التي يُعالجها البحث.
3-عدم وضوح المشكلة البحثية أو إغفالها ضمن المقدمة
في بعض الخطط، تُكتب المقدمة بطريقة عامة دون أن تُبرز بدقة المشكلة التي يسعى البحث لمعالجتها. وهذا يُفقد المقدمة وظيفتها الأساسية، لأن دورها هو تهيئة القارئ لفهم المشكلة من خلال عرض السياق الذي نشأت فيه.
4-الخلط بين المقدمة ومكونات أخرى من الخطة
يخلط بعض الباحثين بين المقدمة من جهة والأهداف أو المنهج أو الفرضيات من جهة أخرى، فيتضمن النص تفاصيل تتعلق بالمنهجية أو الأدوات أو التحليل. بينما المقدمة تقتصر وظيفتها على توضيح الخلفية النظرية والمبررات العامة للبحث.
5-ضعف الربط بين الفقرات وغياب التسلسل الفكري
تُكتب المقدمة أحيانًا في فقرات متناثرة دون روابط منطقية تربط الأفكار ببعضها، فتبدو كأنها مجموعة من الملاحظات المجمعة. المقدمة الجيدة تتسم بالترابط والتسلسل المنهجي الذي يقود القارئ خطوة بخطوة نحو موضوع الدراسة.
6-غياب المبررات العلمية لاختيار الموضوع
من الأخطاء الشائعة الاكتفاء بعبارات عامة مثل “نظرًا لأهمية الموضوع” دون توضيح لماذا هو مهم علميًا أو عمليًا. المبررات يجب أن تُظهر القيمة المضافة للبحث والفجوة التي يسدّها في المجال العلمي.
7-الإطالة المفرطة أو الاختصار المخلّ
بعض الباحثين يطيلون المقدمة بإدراج تفاصيل نظرية لا لزوم لها، فيتحول النص إلى مراجعة أدبيات. وآخرون يختصرونها اختصارًا يُفقدها وظيفتها التمهيدية. المقدمة الجيدة تُوازن بين الإيجاز والاكتمال بحيث تغطي أهم عناصر السياق دون إفراط أو تفريط.
8-ضعف اللغة الأكاديمية واستخدام عبارات عاطفية أو إنشائية
يستخدم بعض الباحثين لغة خطابية أو عاطفية مثل “من المؤسف أن نرى…” أو “من الواضح أن الجميع يدرك أهمية هذا الموضوع”. مثل هذه الصياغات تُضعف الطابع العلمي للمقدمة. الصياغة الأكاديمية تتطلب لغة موضوعية دقيقة بعيدة عن الانفعال الشخصي.
9-تجاهل ذكر الدراسات السابقة ذات الصلة
إغفال الإشارة إلى الأعمال البحثية السابقة يُظهر ضعف الاطلاع وقصور الوعي بالتراث العلمي للموضوع. المقدمة الجيدة تُشير بإيجاز إلى المسار العلمي للدراسات السابقة والفجوة التي سيسدها البحث الحالي.
10-غياب تحديد النطاق الزمني والمكاني أو التخصصي للبحث
من الأخطاء الشائعة كتابة مقدمة عامة لا توضّح حدود الموضوع، مما يؤدي إلى الغموض في نطاق الدراسة. المقدمة يجب أن تُحدّد الزمان والمكان أو المجال العلمي الذي يدور فيه البحث لتجنب التعميم.
11-ضعف الخاتمة التمهيدية للمقدمة
يُنهي بعض الباحثين المقدمة فجأة دون جملة انتقالية تقود إلى مكونات الخطة التالية. بينما يجب أن تنتهي المقدمة بعبارة تمهّد لعرض مشكلة البحث أو أهدافه مثل: “ومن هذا المنطلق تتحدد مشكلة البحث في…”.
إن الأخطاء الشائعة في كتابة مقدمة خطة البحث تعود غالبًا إلى غياب الفهم الوظيفي للمقدمة بوصفها جزءًا تحليليًا تمهيديًا لا وصفيًا. فالمقدمة الناجحة هي التي تُبرز الخلفية العلمية، وتُمهّد للمشكلة، وتُبرر أهمية الموضوع بمنطق علمي متماسك.
الخاتمة:
في الختام، يمكن القول إن عناصر مقدمة خطة البحث تشكّل الأساس الذي يُبنى عليه فهم القارئ لطبيعة الدراسة واتجاهها العلمي، فهي التي تحدد الإطار العام للمشكلة وتبرز أهمية البحث وأهدافه. فكلما كانت المقدمة متكاملة العناصر من خلفية واضحة، ومشكلة دقيقة، وأهداف محددة، وتساؤلات منطقية ازدادت قوة الخطة واتساقها المنهجي.
