📁 المقالات الحديثة

نشر فصول من الرسالة العلمية بين الإمكانية والرفض 2026

نشر فصول من الرسالة العلمية

هل يمكن للباحث نشر فصول من الرسالة العلمية؟

يعَد نشر فصول من الرسالة العلمية أحد الموضوعات التي تشغل تفكير الباحثين بعد الانتهاء من إعداد رسائلهم الجامعية، خصوصًا ممن يسعون لتحويل جهدهم الأكاديمي إلى أوراق علمية منشورة. ومن هنا يبرز التساؤل: هل يمكن للباحث نشر فصول من الرسالة العلمية؟، إذ تختلف الإجابة باختلاف سياسات الجامعات والمجلات العلمية. فبينما تسمح بعض الجهات بالنشر الجزئي بشروط محددة، تشترط أخرى تعديلات جوهرية لضمان الأصالة وتجنب تكرار النشر. إن فهم الباحث لضوابط النشر المشتق من الرسائل العلمية يساعده على تحقيق التوازن بين توسيع انتشار بحثه والالتزام بالأمانة الأكاديمية ومعايير النشر العلمي الرصين.


ما شروط السماح بنشر فصول من الرسالة في المجلات العلمية؟

يُعد نشر فصول من الرسالة العلمية في المجلات المحكمة ممارسة شائعة بين الباحثين وطلاب الدراسات العليا، إلا أنها تخضع لجملة من الشروط الأكاديمية والأخلاقية التي تضمن حماية حقوق الباحث والجامعة والمجلة معًا. ويُعد الالتزام بهذه الشروط خطوة ضرورية لتفادي أي تضارب أو مخالفة بحثية، وهي:

  1. يجب أن تسمح الجهة الأكاديمية المشرفة على الرسالة بالنشر الجزئي، إذ تتطلب بعض الجامعات موافقة رسمية قبل نشر أي فصل من الرسالة لحماية حقوق الملكية الفكرية.
  2. ينبغي أن يتم تعديل الفصل المنشور بحيث يُعاد صياغته بما يتناسب مع متطلبات المجلة، لأن النشر يجب أن يكون في صورة بحث مستقل لا مجرد اقتباس مباشر من نص الرسالة.
  3. من المهم توضيح في البحث المنشور أن المادة مأخوذة من رسالة علمية، سواء في الهامش أو في قسم الشكر، مع ذكر اسم الجامعة وسنة المناقشة لضمان الشفافية الأكاديمية.
  4. يجب عدم نشر أكثر من فصل في مجلة واحدة، حتى لا يُعتبر العمل مكررًا أو منتحلًا، مع توزيع الفصول على مجلات مختلفة بحسب التخصص.
  5. يُشترط أن يكون النشر بعد اعتماد الرسالة ومناقشتها رسميًا، لأن النشر قبل الإجازة قد يتعارض مع سياسات الجامعة أو يؤدي إلى تعارض مع نتائج قيد المراجعة.
  6. يجب الالتزام بأخلاقيات التأليف العلمي، بحيث تُدرج أسماء المشرفين أو المساهمين في العمل الأصلي، وفقًا لدورهم في تطوير الفصل المنشور.


نشر فصول الرسالة وفق هذه الشروط لا يضيف فقط إلى رصيد الباحث العلمي، بل يعكس نضجه الأكاديمي والتزامه بالمنهجية والنزاهة في النشر، وهو ما يعزز مكانته داخل المجتمع البحثي.


ما موقف الجامعات من نشر أجزاء من الرسالة قبل المناقشة أو بعدها؟

تختلف سياسات الجامعات حول العالم – بما في ذلك الجامعات السعودية والعربية – في مسألة نشر أجزاء من الرسالة العلمية قبل أو بعد المناقشة، نظرًا لتداخل الاعتبارات الأكاديمية والقانونية والأخلاقية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية وسلامة إجراءات التحكيم. ومع ذلك، تتفق معظم المؤسسات الجامعية على مبادئ عامة تحدد ما يجوز وما لا يجوز في هذا السياق، تتمثل هذه المبادئ في:

قبل المناقشة، تتسم الجامعات بالحذر الشديد تجاه النشر:

لأن الرسالة لم تُعتمد رسميًا بعد ولم تخضع للمناقشة العلنية التي تُعدّ جزءًا أساسيًا من إقرار البحث. فالنشر المسبق قد يؤدي إلى فقدان عنصر الأصالة أو تعارض مع متطلبات السرية الأكاديمية لبعض الدراسات. ولهذا تشترط معظم الجامعات الحصول على موافقة المشرف والعمادة قبل نشر أي جزء من الرسالة قيد الإعداد.

تعتبر بعض الجامعات أن النشر الجزئي قبل المناقشة مسموح في حدود ضيقة:

بشرط أن لا يتضمن النشر النتائج النهائية أو أجزاءً رئيسية من الرسالة، وأن يتم ذلك بالتنسيق الكامل مع المشرف. وغالبًا ما يكون هذا النشر في صورة ملخصات أو أوراق تمهيدية تقدم نتائج أولية للمؤتمرات العلمية.

بعد المناقشة وإجازة الرسالة، يصبح النشر أكثر حرية واتساعًا:

إذ يُعد الباحث مالكًا رسميًا لعمله العلمي ويمكنه نشر فصول أو أوراق مستخلصة منه في مجلات محكمة، بشرط أن يُشير بوضوح إلى أن المادة مأخوذة من رسالته الجامعية وأن يذكر تاريخ المناقشة والجامعة التي نال منها الدرجة.

تحذر الجامعات من النشر المزدوج أو المتزامن:

أي نشر نفس المحتوى في أكثر من مكان دون توضيح، لأنه يُعد مخالفة لأخلاقيات النشر العلمي. لذا، تُوصي المؤسسات البحثية بضرورة الالتزام بسياسة “الشفافية في النشر” وإبلاغ المجلة إذا كانت المادة جزءًا من رسالة أكاديمية.

بعض الجامعات السعودية وضعت ضوابط رسمية للنشر بعد المناقشة:

مثل جامعة الملك سعود وجامعة الملك فيصل وجامعة أم القرى، حيث تشترط أن يتم النشر باسم الباحث والمشرف مع الإشارة إلى الرسالة، وأن تكون المجلة محكمة ومعترفًا بها من قبل عمادة البحث العلمي.

الجامعات الأجنبية تميل إلى تشجيع النشر أثناء إعداد الرسالة:

وذلك ضمن ما يُعرف بـ “النشر المدمج” (Integrated Thesis by Publication)، وهو نموذج يسمح للطالب بنشر أبحاثه أولًا ثم تجميعها لاحقًا في صورة رسالة علمية متكاملة. ومع ذلك، يتطلب هذا النموذج موافقة مسبقة من لجنة الدراسات العليا.

يختلف الموقف من النشر قبل المناقشة أو بعدها حسب سياسات الجامعة، لكن القاعدة العامة هي أن النشر قبل المناقشة يخضع لإشراف صارم وموافقة مسبقة، بينما النشر بعد المناقشة مسموح بشرط الالتزام بالضوابط الأكاديمية والإشارة إلى مصدر الرسالة.


ما فوائد نشر فصول الرسالة للباحث من الناحية الأكاديمية المهنية؟

يُعد نشر فصول الرسالة العلمية خطوة استراتيجية في مسيرة الباحث الأكاديمية، إذ يُحوِّل الجهد البحثي الكبير المبذول في إعداد الرسالة إلى إنتاج علمي منشور يسهم في بناء سمعته البحثية وتطوير مساره المهني. وتنعكس هذه الخطوة إيجابًا على مكانته الأكاديمية وفرصه المستقبلية في النشر والتوظيف.

  1. يُسهم نشر فصول الرسالة في تحويل المعرفة الأكاديمية إلى محتوى علمي متداول، مما يزيد من انتشار أفكار الباحث ويعزز من أثره في المجتمع العلمي.
  2. يتيح هذا النشر بناء سجل بحثي قوي (Research Profile) منذ المراحل الأولى، وهو ما يُعد عاملًا رئيسيًا في القبول ببرامج الدكتوراه أو الترقيات الأكاديمية.
  3. يرفع من فرص الاستشهاد العلمي بأعمال الباحث، إذ تصبح أجزاء من بحثه متاحة في مجلات أو كتب أكاديمية، مما ينعكس إيجابًا على مؤشرات تأثيره العلمي.
  4. يُظهر الباحث بمظهر المتخصص المتمكن من منهجه ومجاله، لأن نشر الفصول يدل على عمق تحليله وقدرته على تطوير أفكاره البحثية لتناسب النشر العلمي المحكّم.
  5. يُعزّز نشر الفصول من فرص التعاون البحثي والمشاريع المشتركة، حيث يُمكن للباحث التواصل مع زملاء في التخصص ذاته بعد الاطلاع على أعماله المنشورة.
  6. يمنح النشر للباحث ثقة مهنية في خوض سوق العمل الأكاديمي، إذ يُظهر قدرته على الكتابة الأكاديمية المستقلة والالتزام بمعايير التحكيم العلمي.

نشر فصول الرسالة لا يمثل نهاية العمل البحثي، بل هو امتداد طبيعي لمسيرة الباحث نحو بناء هوية علمية متكاملة، تجمع بين المعرفة المتخصصة والإنتاج الأكاديمي المستدام.


ما أفضل الممارسات لتجنب المشكلات الأخلاقية عند نشر الفصول؟

تتطلب عملية نشر فصول الكتب الأكاديمية التزامًا صارمًا بالمعايير الأخلاقية في البحث العلمي، إذ يواجه الباحثون أحيانًا إشكالات تتعلق بتكرار المحتوى أو تضارب حقوق النشر أو نسب المساهمة الفكرية. ولضمان نزاهة النشر، ينبغي اتباع ممارسات واضحة تضمن الشفافية والمصداقية في جميع مراحل إعداد الفصول ونشرها، وهي كما يلي:

  1. يجب التأكد من أصالة الفصل وعدم تكراره أو نسخه من أعمال سابقة للباحث نفسه أو لغيره، مع مراعاة توثيق أي مواد أو أفكار مقتبسة بدقة وفق أسلوب الاستشهاد المعتمد.
  2. ينبغي الحصول على موافقات خطية من جميع المشاركين في إعداد الفصل قبل النشر، لتجنب الخلافات حول حقوق التأليف أو ترتيب الأسماء لاحقًا.
  3. من الضروري مراعاة عدم تكرار نشر نفس المحتوى في أكثر من فصل أو كتاب دون إذن صريح من الناشر، لأن ذلك يُعد مخالفة أخلاقية تُعرف باسم "النشر المزدوج".
  4. يُستحسن إخطار الجهة الناشرة بالمصادر التي استُخدمت مسبقًا في دراسات سابقة للباحث نفسه، لضمان الشفافية وتجنب تضارب الحقوق الفكرية.
  5. يجب الالتزام بإرشادات لجنة أخلاقيات النشر (COPE) التي تؤكد على الأمانة العلمية، وحماية حقوق الملكية الفكرية، والاعتراف بجميع المساهمات الفكرية في العمل.
  6. على الباحث تجنّب تضمين بيانات أو نتائج لم يحصل على موافقة استخدامها من أصحابها، خاصة في البحوث المشتركة أو الممولة.

الالتزام بالممارسات الأخلاقية عند نشر الفصول لا يضمن فقط سلامة العملية الأكاديمية، بل يعزّز ثقة القراء والمؤسسات العلمية في الباحث، ويُرسّخ صورته كباحث مسؤول يحترم قيم النشر العلمي.


الخاتمة:

 يمكن القول إن نشر فصول من الرسالة العلمية أمر ممكن ومشروع متى ما التزم الباحث بالضوابط الأكاديمية وأخلاقيات النشر العلمي. فالمهم هو أن تتم إعادة صياغة الفصل بما يتناسب مع متطلبات المجلة وأن يُشار بوضوح إلى مصدر المادة الأصلية في الرسالة. كما يُفضَّل التنسيق المسبق مع الجامعة أو المشرف الأكاديمي لتجنّب أي تضارب في حقوق الملكية الفكرية أو ازدواجية النشر. إن تحويل الرسائل العلمية إلى أوراق منشورة لا يهدف إلى تكرار الجهد، بل إلى توسيع دائرة المعرفة وتعزيز الأثر العلمي للبحث، وهو ما يُسهم في رفع مكانة الباحث وإثراء المجتمع الأكاديمي على حد سواء.

تعليقات