📁 المقالات الحديثة

7 نصائح لاختيار الدراسات السابقة المناسبة لدراستك

اختيار الدراسات السابقة

كيفية اختيار الدراسات السابقة المناسبة لدراستك وتوظيفها في البحث

تُعد الدراسات السابقة أحد الأعمدة الأساسية التي يرتكز عليها البحث العلمي، فهي تمثل المرجعية العلمية التي يستند إليها الباحث لفهم موضوعه بعمق، واكتشاف الفجوات البحثية، وتحديد المسار الصحيح لدراسته. ويُعد حسن اختيار الدراسات السابقة، وتحليلها، وتوظيفها بشكل دقيق، من المهارات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها كل باحث علمي. في هذا المقال، نسلط الضوء على مفهوم الدراسات السابقة، ونعرض شروط اختيارها، وأساليب التعقيب عليها، بالإضافة إلى توضيح كيفية الاستفادة منها ضمن الإطار العام للبحث.


تعريف الدراسات السابقة

تشير الدراسات السابقة إلى مجموعة الأبحاث والمقالات العلمية التي تناولت موضوعًا مشابهًا أو ذا صلة بالموضوع الذي يعالجه الباحث حاليًا. وتتمثل أهمية هذه الدراسات في كونها توفر قاعدة معرفية تمكن الباحث من فهم ما تم إنجازه بالفعل، وما هي الاتجاهات السائدة في المجال، وما الفجوات البحثية التي لم تُتناول بعد.

وتتضمن الدراسات السابقة أنواعًا متعددة، مثل: الرسائل الجامعية (الماجستير والدكتوراه)، والأبحاث المنشورة في الدوريات المحكمة، والمراجعات النظرية، والتقارير العلمية الصادرة عن مراكز بحثية موثوقة.


ما هي شروط اختيار الدراسات السابقة؟

لا يكفي أن تكون الدراسة السابقة ذات علاقة بموضوع البحث، بل ينبغي أن تُراعى عدة شروط ومعايير عند اختيارها لضمان فائدتها، ومن أبرز هذه الشروط:

  1. الحداثة: يُفضّل أن تكون الدراسات المنشورة حديثة (آخر 5 سنوات في الغالب)، ما لم تكن هناك دراسات تأسيسية لا غنى عنها.
  2. الصلة بالموضوع: يجب أن تكون ذات علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالموضوع المدروس.
  3. المصدر الموثوق: يُشترط أن تكون الدراسة منشورة في مجلة علمية محكمة أو معتمدة من جهة أكاديمية.
  4. التنوع في المنهج: يُفضل اختيار دراسات تنتمي إلى مناهج مختلفة (كمي، كيفي، مختلط) لتوسيع الرؤية.
  5. العمق العلمي: يجب أن تتسم الدراسة بوضوح الإطار النظري، ودقة المنهجية، وجودة التحليل.
  6. البيئة والسياق: يجب أن يُراعى السياق الزمني أو الجغرافي للدراسة، خصوصًا إذا كان موضوع البحث يتأثر بالثقافات أو الخصوصيات المحلية.


ما معنى التعقيب على الدراسات السابقة؟

التعقيب على الدراسات السابقة هو عملية نقدية وتحليلية تهدف إلى استكشاف ما تقدمه هذه الدراسات من معارف، مع إبراز أوجه الاتفاق والاختلاف، وتحديد ما يمكن البناء عليه أو تجاوزه. ولا يقتصر التعقيب على مجرد تلخيص النتائج، بل يتعداه إلى تقديم قراءة نقدية علمية تساعد على تشكيل خلفية معرفية قوية للبحث الجديد.


طرق التعقيب على الدراسات السابقة

تتعدد الطرق التي يمكن من خلالها التعقيب على الدراسات السابقة، ومنها:

  1. المقارنة بين النتائج: تحليل أوجه التشابه والاختلاف بين نتائج الدراسات السابقة وطرح التفسيرات الممكنة.
  2. نقد المنهجية: من خلال مناقشة قوة أو ضعف التصميم البحثي، أدوات جمع البيانات، حجم العينة، وأساليب التحليل.
  3. تحليل الفرضيات: دراسة مدى منطقية ووضوح الفرضيات، وارتباطها بالأطر النظرية.
  4. مناقشة الأطر النظرية: مقارنة النظريات المستخدمة في الدراسات المختلفة ومدى توافقها مع موضوع البحث.
  5. كشف الفجوات: الإشارة إلى ما لم تتطرق إليه الدراسات السابقة من زوايا أو مشكلات تستحق البحث.


شروط ومعايير التعقيب على الدراسات السابقة

لكي يكون التعقيب فعالًا، لا بد أن يخضع لعدد من المعايير الأكاديمية التي تضمن موضوعيته وجدواه، منها:

  1. الموضوعية: يجب أن يكون التعقيب مبنيًا على أسس علمية لا على آراء شخصية.
  2. الدقة العلمية: يجب استخدام المصطلحات الأكاديمية بدقة، واستحضار النتائج والنظريات بشكل صحيح.
  3. الترابط المنطقي: ينبغي أن يكون التعقيب منسجمًا مع سياق البحث العام وأهدافه.
  4. الحيادية: يجب تجنب التحيز أو التأثر بسمعة الباحث أو الجهة الناشرة.
  5. الإيجاز والوضوح: لا بد من عرض التعقيب بأسلوب مكثف وواضح يبرز النقاط الجوهرية دون إطالة أو تكرار.


مثال على التعقيب على الدراسات السابقة

لنفترض أن هناك دراسة بعنوان: "أثر التعلم الإلكتروني على تحصيل طلبة المرحلة الثانوية في مادة الرياضيات"، وقد توصلت إلى أن التعلم الإلكتروني يحسن التحصيل الأكاديمي بنسبة 20%.

نموذج تعقيب:

"تُعد الدراسة التي أجراها الباحث (فلان، 2021) من الدراسات المهمة التي سلطت الضوء على العلاقة بين التعلم الإلكتروني والتحصيل الدراسي. وعلى الرغم من أن نتائجها أظهرت تحسنًا واضحًا في الأداء الأكاديمي، إلا أنها اعتمدت على عينة محدودة (50 طالبًا فقط)، مما يثير تساؤلات حول إمكانية تعميم النتائج. كما أن الدراسة لم تتناول أثر المتغيرات النفسية، مثل الدافعية أو القلق من التكنولوجيا، وهو ما تسعى الدراسة الحالية إلى معالجته ضمن إطار منهجي أوسع."


أهمية الدراسات السابقة في البحث العلمي

تُعد الدراسات السابقة من الركائز الأساسية التي يقوم عليها البناء المعرفي في أي بحث علمي، فهي تمثل المحطة الأولى التي ينطلق منها الباحث لفهم موضوعه في ضوء ما تم إنجازه سابقًا، وتحديد المساحة التي يمكن أن يسهم بها في إثراء المعرفة. ويمكن تلخيص أهمية الدراسات السابقة من خلال الأبعاد الآتية:

1. تحديد الإطار النظري والمنهجي

تساعد الدراسات السابقة الباحث في صياغة الإطار النظري المناسب لدراسته، من خلال الاطلاع على النظريات والمفاهيم التي تبناها الباحثون السابقون. كما تُمكّنه من اختيار المنهج العلمي الأنسب، سواء كان كميًا أو كيفيًا أو مختلطًا، بناءً على تجارب الآخرين.

2. التعرف على الفجوات البحثية

من خلال مراجعة الأدبيات، يستطيع الباحث التعرف على القضايا التي لم تُدرس بعد، أو تلك التي لا تزال تحتاج إلى مزيد من التحقيق والتفسير. وتُعد هذه الفجوات فرصًا ثمينة لتقديم إسهامات علمية جديدة وذات قيمة.

3. تجنب التكرار غير المفيد

تمنع مراجعة الدراسات السابقة الباحث من الوقوع في فخ التكرار غير المُجدي، من خلال كشف ما تم تناوله سابقًا، وكيف تم تناوله، مما يدفعه نحو تقديم إضافة نوعية جديدة بدلاً من إعادة إنتاج ما هو قائم.

4. صياغة الفرضيات أو تساؤلات البحث

توفر الدراسات السابقة أرضية خصبة لصياغة فرضيات دقيقة وقابلة للاختبار، أو تساؤلات بحثية منطقية ومترابطة، وذلك من خلال تتبع النتائج السابقة والأنماط المتكررة في الأبحاث ذات الصلة.

5. دعم وتبرير أهمية الموضوع

من خلال استعراض ما توصلت إليه الدراسات السابقة، يمكن للباحث أن يبرر أهمية بحثه، ويبيّن كيف يسهم في معالجة إشكالية واقعية أو علمية لم تُعالج بشكل كافٍ بعد، مما يضفي على البحث طابعًا من الأصالة والجدية.

6. اختيار أدوات البحث المناسبة

تُعد الدراسات السابقة مصدرًا مهمًا لاختيار أدوات القياس المستخدمة، مثل الاستبيانات أو المقابلات أو الاختبارات، خاصةً إذا تم إثبات صدقها وثباتها في دراسات سابقة، ما يوفر على الباحث وقتًا وجهدًا في بناء أدوات جديدة من الصفر.

7. تسليط الضوء على التحديات المتوقعة

من خلال الاطلاع على ما واجهه الباحثون السابقون من صعوبات أو عقبات أثناء دراستهم، يمكن للباحث الحالي أن يتوقع التحديات المحتملة ويستعد للتعامل معها بطرق فعّالة.

8. توفير نماذج إرشادية للكتابة

تمثل الدراسات السابقة نماذج جيدة لتعلم أسلوب الكتابة الأكاديمية، وتنسيق الأبحاث، وعرض النتائج، مما يساعد الباحث – وخاصة في المراحل الأولى من رحلته الأكاديمية – على صقل مهاراته وتحسين جودة إنتاجه العلمي.

9. دعم نتائج البحث الحالي

يمكن للدراسات السابقة أن تشكل مرجعًا لتفسير نتائج الدراسة الحالية، إما من خلال دعمها وتعزيز مصداقيتها، أو من خلال المقارنة والنقد العلمي البناء الذي يساعد على فهم تباين النتائج.

10. بناء مراجعة أدبية متكاملة

تلعب الدراسات السابقة دورًا محوريًا في تكوين المراجعة الأدبية للبحث، والتي تُعد من أهم فصول الرسائل العلمية، حيث تُظهر مدى إلمام الباحث بالنتاج المعرفي في مجاله، ومدى قدرته على تحليل المعلومات وربطها بمشكلته البحثية.


كيفية الاستفادة من الدراسات السابقة وتوظيفها في البحث؟

ليتمكن الباحث من توظيف الدراسات السابقة بشكل فعّال، يجب اتباع خطوات منهجية مدروسة، منها:

  1. القراءة التحليلية: عدم الاكتفاء بالقراءة السطحية، بل الغوص في التفاصيل المنهجية والنظرية.
  2. التصنيف والتنظيم: تصنيف الدراسات حسب الموضوع أو المنهج أو النتائج، باستخدام برامج إدارة المراجع مثل Zotero أو Mendeley.
  3. التدوين والتلخيص: كتابة ملاحظات مختصرة توضح هدف كل دراسة ونتائجها والمنهج المستخدم.
  4. الربط بين الدراسات: استخلاص علاقات بين الدراسات وربطها بالسياق العام للبحث.
  5. البناء عليها أو نقدها: إما البناء على نتائجها أو تصويب أوجه القصور فيها، بما يدعم أهداف البحث الجديد.

توفير الدراسات السابقة

خاتمة

إن فهم الباحث للدراسات السابقة وكيفية اختيارها وتحليلها وتوظيفها يمثل جزءًا محوريًا من العملية البحثية، وهو ما يميز الباحث المتمكن عن غيره. فالتعقيب الجيد والاختيار الواعي للدراسات السابقة يعكس نضجًا فكريًا ومنهجية صارمة، تسهم في إنتاج معرفة علمية رصينة. ويُوصى طلاب الدراسات العليا والباحثين بالاطلاع المستمر على أحدث ما يُنشر في مجالهم، والتمرن على التحليل النقدي والتعليق الأكاديمي لضمان بناء بحث قوي ومتماسك.

تعليقات