📁 المقالات الحديثة

الفرق بين الاستبيان والمقابلة أهم 3 فروقات

الاستبيان والمقابلة

ما هو الفرق بين الاستبيان والمقابلة؟

تُعد أدوات جمع البيانات من أهم عناصر البحث العلمي، إذ تُساعد الباحث في الوصول إلى معلومات دقيقة تخدم أهداف الدراسة وتُحقق فروضها. ومن بين هذه الأدوات، يحظى كل من "الاستبيان" و"المقابلة" بأهمية بالغة، لا سيما في الأبحاث الاجتماعية والسلوكية. ورغم أن كليهما يُستخدمان لتحقيق الغرض نفسه وهو جمع المعلومات من المبحوثين، إلا أن هناك فروقًا واضحة بينهما في طريقة التنفيذ، ونوع البيانات التي يمكن الحصول عليها، ودرجة التفاعل بين الباحث والمشارك. في هذا المقال، نسلط الضوء على الفروق والتشابهات بين هاتين الأداتين، ونناقش مزاياهما وعيوبهما لتوفير دليل واضح للباحثين في اختيار الأداة الأنسب لدراساتهم.

تعريف الاستبيان

الاستبيان هو أداة لجمع البيانات تعتمد على مجموعة من الأسئلة المكتوبة، تُقدَّم إلى المبحوثين للإجابة عنها بطريقة محددة، سواء كانت مغلقة (محددة الخيارات) أو مفتوحة (تُتيح الإجابة الحرة). يُستخدم الاستبيان على نطاق واسع في البحوث الكمية، إذ يُمكن من خلاله الحصول على معلومات من عدد كبير من الأفراد خلال وقت قصير وبتكلفة منخفضة. وقد يُوزع الاستبيان ورقيًا أو إلكترونيًا، مما يزيد من مرونته وسهولة استخدامه.

تعريف المقابلة

المقابلة هي أداة نوعية لجمع البيانات، تقوم على تفاعل مباشر بين الباحث والمبحوث، إذ يطرح الباحث مجموعة من الأسئلة شفهيًا ويحصل على الإجابات من خلال الحوار. يمكن أن تكون المقابلة منظمة (بأسئلة محددة مسبقًا)، أو شبه منظمة (بأسئلة عامة تُتيح التوسع)، أو غير منظمة (أسلوب المحادثة الحرة). تُستخدم المقابلات بكثرة في البحوث النوعية التي تهدف إلى التعمق في الفهم والتحليل، مثل دراسة المواقف أو الاتجاهات أو الخبرات الشخصية.

ما أوجه الشبه بين الاستبيان والمقابلة في جمع المعلومات؟

يُعد الاستبيان والمقابلة من أدوات جمع البيانات الأساسية في البحث العلمي، وخصوصًا في الدراسات الاجتماعية والتربوية. وعلى الرغم من اختلاف الأسلوب بينهما، إلا أنهما يشتركان في العديد من الخصائص من حيث الهدف والوظيفة والاعتبارات المنهجية. وفيما يلي أبرز أوجه الشبه بينهما.

1- هدفهما جمع معلومات مباشرة من المشاركين

سواء عبر أسئلة مكتوبة (استبيان) أو أسئلة شفهية (مقابلة)، تهدف الأداتان إلى جمع بيانات أولية من عينة الدراسة حول موضوع محدد يخدم أهداف البحث.

2- تعتمدان على تفاعل المشاركين

كلا الأداتين يتطلبان مشاركة فعلية من الأفراد المستجيبين، سواء بالكتابة أو التحدث، وبالتالي فإن جودة البيانات تعتمد على صدق الإجابات وتعاون المشاركين.

3- ضرورة بناء أسئلة منظمة وواضحة

يستلزم كل من الاستبيان والمقابلة صياغة أسئلة مدروسة وواضحة، تُراعي لغة المشاركين وخصائصهم الثقافية والمعرفية، لتحقيق فهم موحّد وتفسير دقيق للنتائج.

4- قابلية التوجيه نحو موضوع البحث

تُستخدم كلتا الأداتين لجمع بيانات حول موضوع أو مشكلة بحثية معينة، وبالتالي يمكن توجيه الأسئلة فيهما لتغطية محاور محددة ذات صلة بموضوع الدراسة.

5- الحاجة إلى اختبار الصدق والثبات

لكي تُعد الأداتان علميتين، لا بد من التحقق من صدقها (هل تقيس ما يفترض أن تقيسه؟) وثباتها (هل تعطي نتائج متسقة؟)، عبر أساليب كمية أو نوعية مناسبة.

6- إمكانية استخدام الأسئلة المفتوحة والمغلقة

يمكن أن تشمل كل من المقابلة والاستبيان أسئلة مغلقة (محددة الإجابة) أو مفتوحة (تسمح بالإجابة الحرة)، بحسب أهداف البحث ونوع البيانات المطلوبة.

7- تتطلب اعتبارات أخلاقية

يجب على الباحث ضمان رضا المشاركين، والحفاظ على خصوصيتهم وسرية إجاباتهم في كلتا الطريقتين، التزامًا بأخلاقيات البحث العلمي.

ما أوجه الاختلاف بين الاستبيان والمقابلة في طريقة الجمع؟

يُعد كل من الاستبيان والمقابلة من أدوات البحث الأساسية، غير أن لكل منهما خصائص تميّزه من حيث أسلوب جمع البيانات، وطريقة التفاعل مع المشاركين، وطبيعة الأسئلة المطروحة. ويُسهم فهم هذه الفروق في اختيار الأداة الأنسب لطبيعة البحث. وفيما يلي أوجه الاختلاف بينهما.

1- طريقة التواصل مع المشاركين

الاستبيان أداة مكتوبة تُقدّم للمشارك ليملأها بنفسه، دون تدخل مباشر من الباحث. أما المقابلة فهي أداة تفاعلية تُجرى شفويًا بين الباحث والمشارك، غالبًا وجهًا لوجه أو عبر الهاتف/الفيديو.

2- درجة التفاعل بين الباحث والمشارك

الاستبيان لا يتيح للباحث التفاعل المباشر أثناء الإجابة، مما يقلل فرص التوضيح. بينما في المقابلة، يستطيع الباحث توجيه الأسئلة، إعادة صياغتها، واستيضاح الإجابات في الوقت الفعلي.

3- المرونة أثناء جمع البيانات

تتميّز المقابلة بمرونة أكبر؛ حيث يمكن تعديل ترتيب الأسئلة أو التوسع في المحاور بحسب تفاعل المشارك. في المقابل، يُعد الاستبيان أداة جامدة يُجيب فيها المشاركون على نفس الأسئلة دون تغيير.

4- وقت وجهد الباحث

الاستبيان عادةً ما يُوزّع على عدد كبير من المشاركين في وقت قصير، مما يجعله أكثر كفاءة من حيث الوقت. أما المقابلة فتتطلّب وقتًا أطول لإجراء كل جلسة، إضافة إلى جهد أكبر في التسجيل والتفريغ.

5- طبيعة الأسئلة والمعلومات المستخلصة

الاستبيان مناسب للأسئلة المغلقة أو الكمية التي تُحلل إحصائيًا، بينما المقابلة تتفوّق في استكشاف الآراء والتفاصيل النوعية الدقيقة بفضل الحوار المباشر.

6- تأثير الباحث على الإجابات

في الاستبيان، يكون التأثير الشخصي للباحث شبه منعدم، مما يُقلل احتمالية التحيز. أما في المقابلة، فقد تؤثر نبرة الصوت أو لغة الجسد أو طريقة طرح السؤال على إجابات المشارك.

هل استخدام الاستبيان أسهل من المقابلة في توفير الوقت والجهد؟

نعم، في معظم الحالات يُعدّ استخدام الاستبيان أسهل من المقابلة من حيث توفير الوقت والجهد، وذلك للأسباب التالية:

  1. سهولة التوزيع: يمكن نشر الاستبيانات إلكترونيًا أو طباعتها وتوزيعها على عدد كبير من الأفراد في وقت قصير.
  2.  قلة التكاليف: لا تحتاج الاستبيانات إلى تنقل أو تجهيزات خاصة مثل ما تتطلبه المقابلات.
  3.  المرونة في الإجابة: يمكن للمستجيبين تعبئة الاستبيان في الوقت الذي يناسبهم دون الالتزام بموعد محدد.
  4.  الحد من الجهد البشري: لا يتطلب الاستبيان وجود الباحث شخصيًا، مما يوفر وقت اللقاءات والتنسيق.
  5.  سهولة التحليل: يسهل إدخال البيانات وتحليلها إحصائيًا خاصة عند استخدام استبيانات مغلقة.

ومع ذلك، المقابلة قد تكون أفضل في حالات معيّنة مثل:

  1. الحصول على إجابات تفصيلية وشرح عميق.
  2.  دراسة سلوكيات أو مشاعر لا يمكن قياسها بالأسئلة المغلقة.
  3. الحاجة إلى توضيح أو إعادة صياغة الأسئلة خلال المقابلة.

باختصار: الاستبيان أكثر كفاءة من حيث الوقت والجهد، لكنه أقل عمقًا من المقابلة في جمع البيانات النوعية. 

ما هي مزايا الاستبيان؟

يحمل الاستبيان عددًا من المزايا التي تجعله أداة مفضلة للعديد من الباحثين، ومن أبرزها:

  1. الاقتصادية: قلة التكلفة مقارنة بأدوات أخرى.
  2. السرعة: إمكانية جمع عدد كبير من البيانات خلال فترة زمنية قصيرة.
  3. التوحيد: استخدام نفس النموذج لجميع المشاركين يُقلل من التحيز.
  4. الخصوصية: يتيح للمبحوث الإجابة بحرية دون الإحراج من التفاعل المباشر.
  5. التحليل الإحصائي: سهولة ترميز البيانات وتحليلها باستخدام برامج متخصصة مثل SPSS.
  6. المرونة في التوزيع: يمكن إرساله ورقيًا أو إلكترونيًا، ما يزيد من نطاق الانتشار.

ما هي عيوب الاستبيان؟

رغم مزاياه المتعددة، إلا أن الاستبيان لا يخلو من بعض العيوب، ومنها:

  1. محدودية العمق: لا يُمكن التوسع في إجابات المبحوثين كما في المقابلة.
  2. عدم وضوح بعض الأسئلة: قد يُساء فهم بعض البنود دون فرصة للاستفسار.
  3. انخفاض معدل الاستجابة: قد يتجاهل بعض المشاركين تعبئة الاستبيان.
  4. الافتقار للمرونة: لا يمكن تعديل الأسئلة أثناء جمع البيانات.
  5. عدم ضمان الجدية: قد يملأ البعض الاستبيان بطريقة عشوائية.
  6. إغفال السياق: لا يوفر معلومات عن الحالة الانفعالية أو البيئة الاجتماعية للمبحوث.

ما هي مزايا المقابلة؟

توفر المقابلة عددًا من المزايا المهمة التي تجعلها أداة فريدة لجمع البيانات النوعية، من أبرزها:

  1. العمق في المعلومات: تسمح للمبحوث بالتعبير الكامل عن أفكاره ومشاعره.
  2. المرونة: يمكن للباحث تعديل الأسئلة بناءً على تفاعل المشارك.
  3. مراقبة السلوك غير اللفظي: مثل تعبيرات الوجه ونبرة الصوت.
  4. التحقق من الفهم: يستطيع الباحث توضيح أي لبس في السؤال أو الإجابة.
  5. بناء علاقة ثقة: مما يُشجع المشاركين على المشاركة بصدق.
  6. استكشاف قضايا غير متوقعة: قد يظهر أثناء الحوار ما لم يكن في ذهن الباحث مسبقًا.

ما هي عيوب المقابلة؟

رغم قيمتها النوعية، إلا أن المقابلة قد تواجه تحديات عدة، منها:

  1. الزمن والجهد: تتطلب وقتًا أطول في التنفيذ والتحليل.
  2. التحيز الذاتي: قد يتأثر الباحث أو المبحوث برأي الآخر.
  3. تأثير الشخصيات: شخصية الباحث قد تؤثر على المبحوث، والعكس صحيح.
  4. صعوبة التعميم: نظراً لأن البيانات غالبًا ما تكون نوعية وغير قابلة للقياس الكمي بسهولة.
  5. تكلفة عالية: خاصة عند تنفيذ عدد كبير من المقابلات.
  6. الحاجة إلى تدريب: يتطلب الباحث مهارات عالية في إدارة الحوار وتسجيل البيانات.

كيفية اختيار الأداة الأنسب بين الاستبيان أم المقابلة؟

يُعد اختيار أداة جمع البيانات خطوة أساسية في تصميم البحث العلمي، ويؤثر بشكل مباشر على جودة النتائج. من بين الأدوات الشائعة: الاستبيان والمقابلة. ولكلٍ منهما مميزات وقيود، ويعتمد الاختيار بينهما على عدة عوامل تتعلق بطبيعة البحث وأهدافه وموارده، وتتمثل معايير اختيار الأداة الأنسب بين الاستبيان والمقابلة:

طبيعة البيانات المطلوبة:

اختر الاستبيان إذا كنت تبحث عن بيانات كمية قابلة للتحليل الإحصائي، والمقابلة إذا كنت تسعى لفهم عميق أو مشاعر وتجارب شخصية.

حجم العينة:

الاستبيان في البحث العلمي أنسب للعينات الكبيرة، بينما تُناسب المقابلة العينات الصغيرة بسبب الوقت والجهد المطلوبين.

درجة التفاعل المطلوبة:

إذا كنت بحاجة إلى التفاعل المباشر وطرح أسئلة متابعة، فالمقابلة هي الخيار الأفضل.

وضوح المفاهيم:

الاستبيان يتطلب أن تكون الأسئلة واضحة ومباشرة، أما المقابلة فتتيح التوضيح والشرح عند الحاجة.

الوقت المتاح:

الاستبيانات أسرع في التوزيع والتحليل، بينما تتطلب المقابلات وقتًا أطول في الإعداد والتنفيذ والتفريغ.

ميزانية البحث:

الاستبيان غالبًا أقل تكلفة، خصوصًا إذا نُفّذ إلكترونيًا، أما المقابلات فتتطلب جهدًا وتكاليفًا أكبر.

المستوى التعليمي للمشاركين:

الاستبيان مناسب أكثر للمشاركين القادرين على فهم الأسئلة والإجابة عنها ذاتيًا، بينما المقابلة تفيد إذا كان هناك تفاوت في قدرات الفهم.

الخصوصية والحساسية:

يفضل الاستبيان في المواضيع الحساسة، إذ يوفّر خصوصية واستقلالية أكبر للمشاركين.

الدقة في التحليل:

الاستبيانات تسهّل التحليل الكمي والدقيق، بينما تتطلب المقابلات تحليلًا نوعيًا قد يكون أكثر تعقيدًا.

خبرة الباحث:

إذا كان الباحث متمكنًا في إدارة الحوار والتفاعل مع المشاركين، قد تكون المقابلة وسيلة أكثر فاعلية.


خاتمة

إن فهم الفروق الدقيقة بين أدوات جمع البيانات، مثل الاستبيان والمقابلة، يُعد من الركائز الأساسية للباحث الناجح، إذ يُساعده على اختيار الأداة الأنسب لطبيعة دراسته. فرغم أن الاستبيان يُعد خيارًا ممتازًا للبحوث الكمية التي تستهدف شريحة واسعة، فإن المقابلة توفر ثراءً نوعيًا وعمقًا تحليليًا يُناسب الدراسات التفسيرية. ولعل التكامل بين الأداتين يُعزز من جودة البحث ويُسهم في الوصول إلى نتائج أكثر شمولًا وواقعية. وعليه، فإن الإلمام بمزايا وعيوب كل أداة يُشكل جزءًا جوهريًا من الكفاءة البحثية التي ينبغي أن يتحلى بها طلاب الدراسات العليا والباحثون في مختلف التخصصات.

تعليقات