📁 المقالات الحديثة

ما هي نظرية النمو النفسي الاجتماعي للعالم لاريكسون

نظرية النمو النفسي الاجتماعي للعالم لاريكسون
نظرية النمو النفسي الاجتماعي للعالم إريك إريكسون تعد واحدة من أهم النظريات في علم النفس التنموي، حيث تقدم إطارًا شاملاً لفهم تطور الإنسان عبر مراحل حياته المختلفة، حيث طور إريكسون هذه النظرية اعتمادًا على التحليل النفسي الكلاسيكي الذي أسسه فرويد، إلا أنه وسّع نطاقها ليشمل الجوانب الاجتماعية والثقافية بالإضافة إلى العوامل النفسية، وتنقسم النظرية إلى ثماني مراحل، تبدأ من الطفولة المبكرة وتستمر حتى مرحلة الشيخوخة، ويواجه الفرد في كل مرحلة أزمة نفسية اجتماعية تتطلب حلاً لتحقيق النمو النفسي السليم، وتتميز هذه الأزمات بكونها محورية في تحديد الهوية الذاتية وتشكيل الشخصية، مما يجعل نجاح الفرد في التعامل معها أساسًا لتحقيق التكيف والانسجام الاجتماعي.

ما هو النمو؟

يعرف النمو بأنه " تتابع لمراحل معينة من التغيرات التي يمر بها الكائن الحي في نظام واتساق.
النمو هو عملية متصلة في غاية التعقيد، عملية تتضمن التفاعل بين كائن عضوي بيولوجي وبين بيئته المادية والاجتماعية والنفسية.
النمو هو" سلسلة متتابعة من التغيرات التي تهدف إلى اكتمال نضج الكائن الحي من جميع النواحي الجسمية والعقلية والانفعالية وتحدث هذه التغيرات بترتيب معين وبطريقة يمكن التنبؤ بها كنتيجة للنضج والخبرة.
النمو عبارة عن عملية متتابعة من التغيرات و التفاعل بين الإنسان و مختلف المتغيرات المحيطة به سواء كانت جسمية أو انفعالية أو اجتماعية .
ويتخذ النمو الإنساني مظهران رئيسيان، كالتالي:
النمو التكويني: ونعني به نمو الفرد في الشكل والوزن و التكوين نتيجة لنمو طوله وعرضه ، فالفرد ينمو ككل في مظهره الخارجي العام ، وينمو داخليا تبعا لنمو أعضائه المختلفة.
النمو الوظيفي: ونعنى به النمو في الوظائف الجسمية والعقلية والاجتماعية لتساير تطور حياة الفرد واتساع نطاق بيئته.

ما هي نظرية اريكسون للنمو النفسي و الاجتماعي؟

يعتبر اريك أريكسون (1994 – 1902 Erickson) واضع هذه النظرية وتعرف نظرية أريكسون باسم نظرية" النمو النفسي الاجتماعي" التي بناها على نتائج أبحاثه مع الأطفال والأسر عبر الثقافات المختلفة وبمنهج أنثروبولوجي.
تعد نظريته امتدادا لنظرية النمو النفسي عند فرويد إلا أن أريكسون يؤمن بان تطور الإنسان يبقى مستمرا و لا يقتصر فقط على الخمس سنوات الأولى حسب رؤية فرويد ، و أن العوامل النفسية والاجتماعية لها تأثير واضح على حياة الفرد وليس كل ما يمر به الفرد ناتجا المراحل الجنسية التي يراها فرويد.

الأفكار الرئيسية في نظرية اريكسون:

من الأفكار الرئيسية في نظرية اريكسون للنمو النفسي والاجتماعي، ما يأتي:
  1. تعتبر نظريته نظرية شاملة فهي النظرية الوحيدة التي درست النمو من الميلاد حتى آخر العمر ويعتبر السلوك ناجما عن ثلاث عوامل هي عوامل بيولوجية و عوامل اجتماعية بيئية و عوامل فردية، وتتصارع هذه العوامل وبتفاعلها يحدث أزمة وبانتهاء الصراع يحدث النمو والنضج.
  2. يطلق علي نظرية اريكسون " النظرية النفسية الاجتماعية " في النمو حيث أنها تتناول الدوافع الحيوية والانفعالية وطرق التوفيق بينها وبين متطلبات البيئة الاجتماعية.
  3. بني اريكسون نظريته على مبادئ التحليل النفسي كما قدمها فرويد و وازى اريكسون بين النمو النفسي والاجتماعي التي قدمها هو وبين مراحل النمو النفسي الجنسي التي قدمها فرويد.
  4. تناول اريكسون مراحل نمو الأنا وتكوين الشخصية على نسق نمو الجنين حيث يتوالى ظهور أعضاء معينة في أوقات معينة حتى يتكون الطفل كاملا في النهاية وكذلك تنمو الشخصية فيسير نموها في تتابع ومراحل لتتكون في النهاية الشخصية ككل.
  5. يتتابع نمو الشخصية في ثمانية مراحل من الطفولة إلي الشيخوخة، وكل مرحلة تعتبر بمثابة نقطة تحول وتتضمن أزمة نمو نفسية اجتماعية يعبر عنها اتجاهان: احدهما يتضمن خاصية مرغوبة والآخر يتضمن خطراً؛ فإذا اتجه النمو ناحية المرغوب فذلك خير، وإذا اتجه نحو الخطر ظهرت مشكلات النمو.

مراحل النمو النفسي الاجتماعي (Psychosocial Development Stages):

يرى اريكسون بأن الفرد قادر على تطوير شخصيته خلال مراحل النمو المتلاحقـة طيلـة حياتـه ويعتقد بوجود فترات حرجة للنمو وهذه الفترات تتسم بنقاط تحول حاسمة. كما يؤكـد اريكـسون أن الأزمـة النفسية الاجتماعية يجب أن تحل قبل أن ينتقل الفرد بنجاح إلى المرحلة التالية. هذا وقد شكلت المرحلة الخامسة من مراحل النمو وهي مرحلة المراهقة أساسا قويا في نظرية اريكسون لأنه يعتبرهـا جـسر الانتقـال مـن الطفولة إلى عالم الرشد والبلوغ، كما وتشكل المرحلة الخامسة أساس هذه الدراسة حيث أن عينـة الدراسـة تمر بأهم مراحل النمو وأخطرها خلال هذه المرحلة.

المرحلة الأولى: الإحساس بالثقة مقابل الإحساس بعدم الثقة (من الولادة وحتى الشهر الثامن عشر):

يعتبر أريكسون أن السنة الأولى من عمر الطفل هي الفترة المناسبة لتوليد الثقة بنفسه وبالبيئة وذلـك من خلال ثقته بالآخرين الذين يعتمد عليهم في قضاء حاجاته الأساسية المتنوعة.
إذا أشبعت خبرات الطفل منذ السنة الأولى فـي حياتـه فانـه يطور الثقة ومن مظاهر الثقة في هذه المرحلة المبكرة سهولة الحصول علي الغذاء وعمق النـوم والـشعور بالارتياح بعد الإخراج.
من الجدير بالذكر أن الإحساس بالثقة هذا لا يعتمد علي كمية الطعام الذي يتناولـه الطفل ولا علي إظهار المحبة له، وإنما يتوقف علي نوع العلاقة بين الطفل والأم فالطفـل يـستقبل العـالم المؤثرات الخارجية المحيطة به من خلال الأم وانفعالاتها ومن هنا تأتى أهمية وجود الأم في تكـوين إدراك الطفل للعالم الخارجي في سنوات عمره الأولى.

المرحلة الثانية: الإحساس بالاستقلال الذاتي مقابل الإحساس بالخجل والشك (واحد ونصف عام حتى ثلاث أعوام):

يعمل الطفل على تأكيد إحساسه بالاستقلال الذاتي وذلك بممارسة أنماط سلوكية و أداء بعض الأعمال بمفرده دون مساعدة الآخرين ويتبدى دور المربين في تعزيز نمو الاستقلال الذاتي لديه وذلـك مـن خـلال أساليب تنشئة الو الدية المتوازنة بين التسامح والحزم.
تغطى هذه المرحلة الفترة الممتدة بين الـسنة الثانيـة والثالثة من عمر الطفل وتتميز بتطور كبير في قدرة الطفل على التحكم بأعضاء جسمه وعضلاته فإذا نجـح الطفل بهذا التحكم فانه يكون قد طور شعورا بالاستقلال أما إذا فشل الطفل فـي الـتحكم بحركـات جـسمه المختلفة فانه يطور شعورا بالخجل من نفسه والشك بقدراته مما يدفعه نحو  الانطـواء والعزلـة.

المرحلة الثالثة: الإحساس بالمبادأة مقابل الإحساس بالذنب (من ثلاث سنوات إلى خمس سـنوات):

يمر الطفل في هذه المرحلة بخبرات كثيرة تتعلق بالقابلية للحركة والتحرك فيمشى ويجري ويقفـز، وترتقي اللغة والخيال ويتعلم أن يخطط وينفذ، ويتحرك من خلال اتجاهات وأهداف.
يكون النمـو النفـسي في هذه المرحلة مرتكزا على إن الهو، والانا، والانا الأعلى تبدأ في العثور على توازن متبادل في الفـرد، وينمي الطفل ضميرا و اتجاها والديا يقوي عمليات ملاحظة الذات وتوجيهها وكذلك عقابها، ويلاحظ الطفـل الفروق الجنسية بين أفراد عائلته ويتعلم أن يقوم بأشياء أكثر من التي كان يقوم بهـا فيتولـد لديـه الـشعور بالإنجازات الحقيقية ويتعرض للحظات يتولد فيها الخوف من الخطر والإحساس بالذنب.
يجب على المربين السماح للطفل باكتشاف البيئة من حوله والتجريب لمعرفة كيف يسيطر علـى حركاته حيث أن الطفل يكون بحاجة إلى رفقة الأطفال الآخرين ليشتركوا جميعا بالتنفيس عن أزمات حياتهم باللعب، ويجب توجيه الطفل بتجاوز أخطاؤه أما إذا استمر المربون بأشعاره بخطئه فيما يفعل فعندها ينشأ وهو يـشعر دائماً بارتكاب ذنب يلازمه طيلة حياته.

المرحلة الرابعة: الشعور بالجهد والمواظبة مقابل الشعور بالنقص والدونية (من الـسنة الـسادسة حتى الحادي عشر):

في هذه المرحلة يستطيع الطفل أن يكيف نفسه لأداء العديد من المهارات والمهـام وذلـك بتطـوير إحساسه بالعمل والكد والمثابرة ليصبح فردا قادرا على التحصيل والإنجاز الدراسي والدراسة واللعب ركنـان هامان في تكوين الإحساس بالشعور بالجهد أن الطفل يجرب المهارات الأوليـة التي تتطلبها ثقافته.
يحاول الحصول على التقدير والاحترام من مدرسية ورفاقه ونجد مثابرته تتضمن تلـك الانجازات التعليمية والمهارات الأخرى المطلوبة ليصبح في علاقاته الشخصية كفوا ومـؤهلا للعطـاء فـي عالمه الاجتماعي.
الطفل الذي يعجز عن التفاعل مع بيئته ويخفق في انجاز المهام الموكلة إليه تتطور لديه مشاعر الدونية والإحساس بالنقص والطفل حسب وجهة نظر أريكسون هو القوة الدافعة والكبـار فـي بيئتـه الذين يرعونه يستطيعون أن يساعدوه في تقدمه أو يحبطوه.

المرحلة الخامسة : الإحساس بالهوية مقابل الإحساس بغير الهوية (من السنة الثانية عشر حتى الثامنة عشر):

تمتد هذه المرحلة طيلة فترة المراهقة ويتميز المراهق بالتأثر بالتغيرات الفسيولوجية والعقليـة التـي تثير الكثير من الشكوك لديه وبالتالي تولد لديه التردد في القيام بالمهام المناطة به، والمراهق فاقد للهويـة، وهمه الأساسي هو الاعتراف بهويته بأنه أصبح رجلاً ولم يعد طفلاً.
اذا حصل على ذلك الاعتـراف مـن الوسط الذي يعيش فيه فإنه يساعده على اجتياز الإحساس بالهوية بسلام، وإذا شعر بـأن المـشرفين علـى تربيته ما زالوا يتعاملون معه وكأنه طفل، فإنه سيحاول اللجوء إلى أساليب العنف لانتـزاع هويتـه، وقد تلازمه تلك الأساليب طيلة حياته.

المرحلة السادسة : الإحساس بالألفة مقابل الإحساس بـالانعزال (مـن 35-18سـنة):

ويرى أريكسون أن تحقيق النضج الجسمي للأفراد (الشباب البالغ) في هذه المرحلة يتـضمن نمـواً نفسياً واجتماعياً مستمراً وخاصةً الألفة الاجتماعية مع الجنس الآخر تمهيداً لاختيار شريك الحياة في العلاقـة الزوجية، ليس هذا فقط بل أيضاً تكريس الجهود للنجاح في الحياة الزوجية، وأيضاً اختيار المهنة المناسـبة فإذا لم تشبع هذه الجهود في الزواج أو في اختيار العمل المناسب لقدرات الفرد أدي ذلـك إلـى أزمـة نمـو والإحساس بالانعزال في كل مجالات الحب والعمل.

المرحلة السابعة : الإحساس بالتولدية مقابل الإحساس باستغراق الذات (مـن 35سـنة وحتـى سـن التقاعد):

من أطول مراحل العمر وأكثرها خصوبة وعطاء، فبعد أن يمارس الإنسان اختياره في مجال الحب والعمل يتزوج ويرسخ أساس الاستقرار الأسرى، ويختـار العمـل الـذي يستطيع من خلاله أن يحقق ذاته ويصل إلي نقطة يسال فيها وماذا بعد ؟.
هذه المرحلة تشتمل علي تأسيس وحدة أسرية جديدة تقوم علي الثقة المبادلة والألفة وإعداد منزل جديد للبدء بدورة جديدة للنمو ومـن خـلال الرباط الزواجي يصلح الفرد لضمان الرعاية والنمو للجيل الجديد الذي يثمر عنه الزواج.

المرحلة الثامنة: الإحساس بالتكامل مقابل الإحساس باليأس (سنوات التقاعد حتى الممات):

هذه المرحلة هي خلاصة للمراحل السابقة وتوجهاتها ويجلس الفرد ليحاسب نفسه عما مضى ويتأكـد من مساهمته في إنشاء الجيل الجديد وإذا كان دوره في ذلك ايجابياً فعندها يتولد لديه الإحساس بالتكامل أما إذا كان دوره فيما مضى سلبياً فعندها يتولد لديه الإحساس باليأس وفوات الفرصة للتعويض لأنه فـي نهاية العمر.

مصادر قوة وضعف نظرية النمو النفسي الاجتماعي للعالم لاريكسون:

هناك العديد من المؤيدين والمعارضين لنظرية اريكسون ويري البعض أن هناك نقاط قوة في النظرية بينما يعارضها البعض وينتقدها، ويلخص آراء المؤيدين لنظرية اريكسون حيث يرون أن مصادر قوة النظرية تتمثل في:
  1. المنطقية والعقلانية فيما توصلت إليه من نتائج.
  2. إعلاؤها من شان دور السياق الثقافي/ الاجتماعي.
  3. إبراز النمو النفسي ليشمل دورة الحياة كلها.
  4. مد التطور الإنساني ليشمل دورة الحياة كلها.
  5. تقديم مرحلتي المراهقة والرشد في صورة جديدة.
بينما يقول أن المعارضين يرون مصادر ضعف النظرية تتمثل في النقاط التالية:
  1. أن اريكسون وعلي الرغم من انه ركّز على الأزمات والصراعات الاجتماعية ، فانه لم يتعمق في طرح تلك المشكلات كما أن الأزمات أو المراحل النهائية التي ذكرها يكتنفها الغموض.
  2. أن اريكسون لم يذكر أسبابا لعملية النمو أو التطور.
  3. أن اريكسون لم يوضح ما هي الخبرات التي على الفرد أن يشكلها حتى يواجه هذه الصراعات الاجتماعية. لذا جاءت نظريته وصفاً لجوانب انفعالية واجتماعية دون تفصيل لكيفية حصول هذا التطور لدى الفرد.




 
تعليقات